قال صبري الحو، محام خبير في القانون الدولي-الهجرة ونزاع الصحراء، إن "سخطا يعم وسط شباب المخيمات بسبب ما يسمونه تضييع قيادة البوليساريو لورقة الكركرات، فلا هي دخلت الحرب مع المغرب منذ اندلاع أزمة الممر الأولى صيف 2016، ولا هي أغلقته. وأضاف صبري، في مقال له بعنوان "الكركرات ممر مغربي محتوم نحو الحل وسبب كاف لعودة الحرب"، أنه "في غالب الظن، تتم الأحداث الحالية للبوليساريو في الكركرات عنوة، من أجل ممارسة الضغط على المجتمع الدولي والأممالمتحدة لتزامن هذه الأحداث والدورة ال 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة". وهذا نص المقال: يسود اختلاف وتناقض بَيّن في وجهات نظر أطراف نزاع الصحراء حول طبيعة المنطقة العازلة وتعريفها، فجزء من المنطقة تعتبره البوليساريو "أراضي محررة"، تتنقل فيها، وتسعى لضمها والسيطرة عليها بتشييد منشآت فيها، في إطار خطط لإعمارها، وادعاء سيادتها عليها، لإعطاء انطباع بأن لها سيادة على جزء من الإقليم المتنازع عليه مع المغرب، وأنها بذلك تستجمع أركان قيام وإعلان دولة تبعا للقواعد وتعريف الدولة في العلاقات الدولية. كما يعم سخط وسط شباب المخيمات بسبب ما يسمونه تضييع قيادة البوليساريو لورقة الكركرات، فلا هي دخلت الحرب مع المغرب منذ اندلاع أزمة الممر الأولى صيف 2016، ولا هي أغلقته، بل إن مجلس الأمن أمعن في تأكيد تعريف طبيعة المنطقة أنها عازلة، ومنع تواجد البوليساريو فيها، وأصدر أمرا فوريا بإفراغها، ومنع الجبهة من تغيير الوضع القائم فيها بعدم إقامة أي منشآت فيها، بل بالإشارة بالاسم إلى منطقة كانت تعتقد البوليساريو أنها "محررة"، بئر لحلو. في المقابل، فإن المغرب يعتبر المنطقة مغربية، تركها بمحض إرادته وموافقته بين يدي الأممالمتحدة لتسهيل عملياتها في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بينه وبين الأممالمتحدة وبين الأخيرة والبوليساريو، وأن الأممالمتحدة عبر بعثة المينورسو مسؤولة عنها، وما فتئ ينبه ويتوعد أنه في حالة عدم قدرة الأممالمتحدة على كبح جماح البوليساريو التي تتجه إلى تغيير الوضع فيها، فإنه سيتولى عسكريا هذه المهمة، وفقا لسابق التجربتين في المنطقة منذ صيف 2016 و2018. وعلى ضوء الأزمتين السابقتين، فإن مجلس الأمن تولى مهمة تأكيد طبيعة المنطقة العازلة، ووقف عند خطورة وحساسية اعتداء عناصر من البوليساريو العسكرية والمدنية عليها، وأمرها بالإفراغ الفوري والامتناع عن إحداث أي تغيير في وضعها الحالي، وعدم إقامة أية منشآت. بل إن رئيس بعثة المينورسو، والممثل الخاص، والمبعوث الشخصي للأمين العام يرفضون استقبالهم من طرف قادة البوليساريو في المنطقة لتفادي أي تفسير خاطئ أو تأويل مموه لذلك، واستغلاله لادعاء أي اعتراف أو شرعية أممية للبوليساريو على المنطقة. وتسعى البوليساريو بكل الوسائل إلى إجهاض فوز المغرب بالجولتين السابقتين حول منطقة الكركرات خاصة، والمنطقة العازلة عامة، من خلال محاولاتها المتكررة إغلاق الممر الدولي للتجارة الذي يخترق الكركرات في اتجاه الحدود المغربية الموريتانية للفت الانتباه الدولي، أو للسيطرة على شعور السخط والتذمر واليأس لدى شباب المخيمات وصرف الأنظار عن معاناتهم الحقيقية، أو لمساعدة الجزائر لتصريف أزمتها السياسية المستمرة باستمرار الحراك، مادام نزاع الصحراء واستمراره عقيدة تخدم شرعية النظام الجزائري. وفي غالب الظن، فإن الأحداث الحالية للبوليساريو في الكركرات تتم عنوة من أجل ممارسة الضغط على المجتمع الدولي والأممالمتحدة لتزامن هذه الأحداث والدورة ال 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة ونظر مجلس الأمن في الحالة الدورية في الصحراء والتمديد لبعثة المينورسو، في إطار مسلسل ما بات يعرف بمراجعة انخراط البوليساريو في العملية السياسية الأممية في مجملها، بعد التأخر في تعيين مبعوث شخصي جديد يعطي الزخم السياسي السابق للعملية التفاوضية على غرار هورست كوهلر المقال أو المستقيل. ويأتي التهديد بمراجعة تعاملها مع الأمين العام في إطار ما تسميه البوليساريو بانحراف الأممالمتحدة في اعتناقها إقليمية النزاع وتحديد الإطار السياسي والقانوني والتفاوضي الجديد للحل بمقتضى القرار عدد 2494/2018، وجعله سياسيا توافقيا واقعيا وعمليا يراعي التنمية والأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية كاملة، وكذا إعادة تأكيد كل من الأمين العام ومجلس الأمن على تحديد وتعريف المنطقة؛ أنها عازلة، ومسؤولياته عليها في المراقبة رغم معيقات شساعتها في اتجاه الشرق، وسيستعين بالوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل توفير فعل شمول المراقبة، ومنع أي فعل مادي يغير من طبيعتها تلك، وإصدار أمر للبوليساريو بالخروج منها.