أسئلة كبرى يثيرها المغاربة على امتداد الأيام الجارية، في مقاربتهم لتدبير الشأن العام الفرنسي؛ فبعد سجال عرض "رسومات مسيئة" إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، يرفع مواطنون شعارات مقاطعة المنتوجات الفرنسية، باستمرار عدم احترام الجمهورية مقدسات المسلمين. وانتشرت مطالب بمقاطعة المنتجات الفرنسية الواردة صوب المغرب، وشهدت الحملة تجاوبا متفاوتا؛ لكن في المقابل يصر معلقون على أن المطالب المرفوعة إلى الدولة الفرنسية تقتضي النظر في واقع الحريات الدينية بالمملكة أولا. ومثلما تجري التقاطبات في العديد من القضايا الخلافية، خاصت مواقع التواصل الاجتماعي سجالات تطالب المغاربة بمعاينة ما يقاسيه مواطنون غير متدينين أو غير مسلمين في التعبير عن آرائهم داخل بلدهم وما يطالهم عبر "ماكينة التشهير"، تقول التعاليق. واستحضرت التعاليق ذاتها نفس مقاربة الفرنسيين في التعاطي مع رموز الإسلام مثل الحجاب والصلاة في الأماكن العامة، بمطالب مواطنين بالإفطار جهارا في رمضان وممارسة باقي المتدينين طقوسهم علنا، مقرة بحاجة الناس إلى مزيد من التشبع بقيم العيش المشترك. سعيد ناشيد، الباحث المتخصص في الشأن الديني، أورد أن المسلمين المقيمين في الغرب يعتمدون غالبا على قاعدة فقهية خطيرة وهي الولاء والبراء، مسجلا أنهم يقبلون على التعامل مع المواطن الفرنسي؛ لكنهم دائما يحذرون ويتوجسون منه. وأضاف ناشيد، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه شاهد الرسومات الكاريكاتورية، ولاحظ أنها لا ترقى إلى حجم الإساءة التي يحاول بعض الأطراف ترويجها، وزاد: هناك من يحاول إقناع المغاربة بمقاطعة منتجات فرنسا والارتماء في حضن تركيا، وهذا أمر مرفوض نحن مغاربة وانتهى. وأشار المتحدث إلى أن إعطاء الدروس لفرنسا على مستوى الحريات الدينية يقتضي النظر أولا في وضعها داخل البلد، مشددا على أن حال المسلمين هناك أفضل بكثير من المسيحيين والبهائيين واللادينيين بالمغرب، وهذا بشهادة المسلمين أنفسهم. وأكمل صاحب كتاب "الحداثة والقرآن" قائلا: المسلمون يهاجرون بحثا عن الكرامة والاحترام المفقودين في بلدهم، وزاد: أبسط حاجيات الأقليات الدينية في المغرب وباقي بلدان الجوار غائبة، وبالتالي يصعب إعطاء الدروس للآخرين في احترام الأقليات.