يرى محمد عبد الوهاب رفيقي، الشهير بأبي حفص، أن الصورة السيئة الموجودة في بعض كتب التراث الإسلامي هي التي شجعت الصحف والجرائد على تصوير النبي عليه الصلاة والسلام بتلك الصفة الكاريكاتورية، مشيرا إلى أنه غير معني بذلك ولا يمكنه الاحتجاج على منبر مستقل في بلد قوانينه تكفل ذلك وتسمح بالسخرية من كل الأديان والرسل. وقال المتحدث ذاته ضمن تدوينة رقنها على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لنكن منطقيين وواقعيين حين تصور النبي عليه السلام بأنه القتول الضحاك، وبأن رزقه في ظل رمحه، وبأنه كاد يرمي نفسه من رأس الجبل، وبأنه كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة، وبأنه تزوج صبية في سن السادسة ودخل بها في التاسعة، وبأنه أباح لأصحابه اغتصاب السبايا بحضور أزواجهن، وبأنه أراد تطليق زوجته لأنها أصبحت غير مطيقة للجماع، وبأنه احتقر المرأة وجعلها ناقصة عقل ودين، وبأنه أصابه السحر حتى يخيل إليه أنه جامع نسائه ولم يفعل، فأي الرسمين أشد كاريكاتورية؟ ومن بدأ بالإساءة؟ "شطب باب دارك عاد شوف الناس اش تيقولو عليك"، وفق تعبيره. وبرر الباحث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، تقبل المسلمين لبعض المرويات التي تتضمنها بعض كتب التراث الإسلامي ورفضهم لها عندما تصدر عن جهات أخرى بأنهم يرون أن ما ينشر في الصحف والجرائد هو بغرض التنقيص والاستهزاء والسخرية، على الرغم من أن ما يتضمنه كتب التراث يسيء أكثر، فإنهم يحاولون بشتى الوسائل حمله على أحسن المحامل على اعتبار أن الرواة والمحدثين لم يكن هدفهم الاستهزاء أو التنقيص. وقال أبو حفص ضمن التصريح ذاته: "لا أتفق مع هذه الرسوم، كما لا أتفق مع الصورة الكاريكاتورية التي تتضمنها ببعض المحكيات والمرويات في بعض كتب التراث الإسلامي، مفضلا سلك طريق التجاهل والإعراض وعدم الالتفات". وجوابا عن سؤال هسبريس بخصوص هل تبيح حرية التعبير الازدراء بالأديان والمس بمقدسات الآخر؟، قال محمد عبد الوهاب رفيقي إن "هذه القضية فلسفية مطروحة عند دعاة الحرية في العالم الغربي ولا تتعلق بالمسلمين فقط، وبالتالي بما أن الأمر يهم دولة كفرنسا فأنا لست معنيا بالحسم في هذا الموضوع على اعتبار أنه شأن داخلي مرتبط بقوانين وطبيعة الدولة وباختيارات المجتمع". وأورد المتحدث نفسه: "لا يمكنني التدخل في هذا الأمر بأي حال من الأحوال، على الرغم من أني ضد كل ما يمكن أن يغذي التيارات اليمينية المتطرفة ويفسد السلم الأهلي وضد أي وسيلة يستطيع بها المتطرفون من الجهتين أن يشرعوا أو يبرروا كثيرا من السلوكيات". وأضاف رفيقي أن "مقياس الحرية هو نقاش داخلي يرتبط بكل مجتمع وسياقاته الثقافية والتاريخية وعلاقته بالمعتقد والدين؛ فالعلاقة في المجتمعات الإسلامية بين الفرد والدين ليست كما هي في دول أخرى وبالتالي منسوب الحرية متعلق بهذه العوامل". طهرانية الرسل والأنبياء من جانبه، قال محسن اليرماني، باحث في العقيدة والأديان، إن القرآن الكريم يقدم لنا الأنبياء عليهم السلام في صورة تتلألأ بالوضاءة والطهرانية وجلالة القدر وسمو المكارم والمزايا والفضائل، فهم أصدق الناس وأعلاهم مكانة ومنزلة، ولا يليق إطلاقا الانتقاص من قدرهم ولمزهم ووصفهم بما هم مبرؤون منه، مستحضرا في هذا الباب مؤلفا لابن خمير السبتي رحمه الله تعالى كتابا سماه "تنزيه الأنبياء عما نسبه إليهم حثالة الأغبياء" بيّن فيه تلك المرويات المكذوبة التي حكيت عن أفضل خلق الله. وأكد اليرماني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "لا ينبغي أن نجعل من حرية التعبير باعتبارها مكسبا إيجابيا وكسبا إنسانيا مسوغا للمس بمقدسات ومعتقدات الآخرين"، مستندا في طرحه على مقولة للفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن "إن الإطلاق الذي ينسبه بعضهم إلى حرية التعبير أو حق الاختلاف ليس تخلصاً من كل القيود، وإنما التخلص من القيود الأخلاقية"، وحينئذ، هل نعجب أن تنبري الأقلام تدافع عن الإساءة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وديننا باسم "حرية التعبير"، معتبرة أن من يمارس هذه الحرية لا يتوجّب عليه أن يكترث بما يفضي إليه تصرُّفه من آثار أخلاقية في الآخرين". وقال الباحث ذاته إنه "يمكن الرد على من يسوغ الانتقاص من قدر الأنبياء والرسل عليهم السلام بما تنقله لنا المصنفات الحديثية الصحيحة كالبخاري ومسلم، بأن تلك المرويات حفظها وتدارسها المسلمون جيلا بعد جيل ولم يروا فيها أبدا ما يعيب هؤلاء الأطهار، ولم يتحرج إطلاقا العلماء والدعاة وخطباء الجمعة من ذكر سير الأنبياء والرسل عليهم. كما أن عموم الناس تقبلوا تلك المرويات لأنها قدمت إليهم بصورتها الصحيحة والسلمية دون زيادة أو نقص. أما ما تفعله بعض الصحف والأقلام فهي محاولة بائسة لإقحام فهم سقيم على تراث المسلمين بغية تصدير صورة مشوهة للأنبياء والرسل عليهم السلام للنيل من قدرهم ومكانتهم في أذهان عوام الناس". وأوضح اليرماني أن "تراث المسلمين في الأنبياء والرسل عليهم هو ما نقله علماء الإسلام، وهو تراث أبعد عن الإساءة إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام؛ لأن علماء الإسلام محبتهم للأنبياء والرسل عليهم السلام ثابتة في حقهم لا تحتاج إلى بيان أو أدلة، ولا يتصور عقلا ومنطقا أن يسيء أحدهم إلى صفوة رسل الله الأطهار".