مُحاولة الخروج من سِياقات المواجهة، تباشر الدبلوماسية الفرنسية، منذ أيام معدودة، سلسلة خرجات موجهة للبلدان ذات الأغلبية المسلمة، بداية بنزول ماكرون ضيفا ثقيلا على الجمهور، ثم جولات مبرمجة لوزارتي الداخلية والخارجية الفرنسية. ويحتل ملف الإسلام والجاليات مقدمة مهام تحركات كبريات وزراء الحكومة الفرنسية، بعد "سوء الفهم الكبير" الذي صاحب تصريحات الرئيس ماكرون بشأن الدين الإسلامي والجماعات المتطرفة ودفع بمسلمين إلى إشهار سلاح "المقاطعة". وللعاصمة الرباط وزنها في ملف "فرنسا"، خصوصا بعد الإدانة الرسمية لما ورد ببلد الأنوار، ويتقرر مجيء وزير الخارجية جون لودريان، ووزير الداخلية جيرالد دارمانين، وفي الأجندة جلسة مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق. وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لا تزال حملات الغضب قائمة من سلوكات الرئيس الفرنسي، خصوصا أنها اختلطت بمطالب وقف المقاطعة، واعتبرت استمرارا للنظرة الاستعمارية المتعالية على مواقف الشعوب وتشبثها باستقلالية قراراتها. عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إنه بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون وارتفاع حدة التوتر، كان لا بد من رد فعل يصاحب الأمر، وهنا تندرج زيارات وزيري الداخلية والخارجية. وأضاف البلعمشي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الجو المشحون له تأثيرات اقتصادية صعبة، والبداية من حملة المقاطعة التي سيكون لها بعض المس، مسجلا أن حراك الدبلوماسية العامة الفرنسية انطلق بخرجة الرئيس لمخاطبة الجمهور المسلم؛ لكن الخرجة التوضيحية، حسب الأستاذ الجامعي، لم يكن لها التأثير نفسه للتصريحات الأولى، وبالتالي لابد من المرور أيضا صوب زيارات الخارجية والداخلية، مؤكدا أن الحكومة تحاول استدراك بعض من قيم الجمهورية بعد تصريحات ماكرون اليمينية. وأوضح المتحدث أن الخرجة خلقت أزمة حقيقية، ولا يمكن على المستوى الدبلوماسي أن يستمر هذا الأمر، والتوجه العام يفرض استرجاع بعض التوازن، خصوصا بعد البلاغات الرسمية التي صدرت في عديد البلدان الإسلامية. وأشار أستاذ العلاقات الدولية خاتما: الدولة الفرنسية لا تستطيع تعويض الاقتصاد بمسائل سياسية أو دينية، وبالتالي عليها التحرك من خلال هذه عديد الأدوات (زيارات. خطب. إعلام)، والعمل على إعادة التوازن مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة.