بمرجعية واحدة، وتوجهات مختلفة، تتفرق مقاربات اليسارين المغربي والجزائري لقضية الصحراء؛ ففي وقت يستند "العسكر" إلى عقيدة يسارية لتبرير مواقفه الداعمة لجبهة البوليساريو، تنهل التنظيمات الوطنية من فكرة "الوحدة". ويبقى تقاطب الطرفين قائما منذ فترة الحرب الباردة، خصوصا أمام ثابت دعم التنظيمات اليسارية لفكرة "تقرير المصير"، وهو ما يعاكسه اليسار المغربي، المتشبث بعلاقات تاريخية تربط القبائل الصحراوية بالمركز، على امتداد حكم عائلات كثيرة. ومعلومٌ أن حوارات عديدة جمعت اليسارين من خلال تنظيمي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، اللذين تراسلا مع اليسار الجزائري في السنتين الماضيتين، لكن دون الاتيان بجديد يذكر على مستوى ملف الصحراء والتقارب بين البلدين. وتبقى المسألة الحزبية بعيدة عن تحديد الموقف من النزاع، بحكم تمكن ثنائية "الدولة" في رسم توجهات السياسة الخارجية للبلدين، خصوصا في ما يتعلق بالصحراء، التي تلعب دورا رئيسيا في تحديد التوازنات بالمنطقة. اسماعيل العلوي، أحد الوجوه التاريخية لحزب التقدم والاشتراكية، أورد أن التوجه الجزائري لا علاقة له على الإطلاق بفكرة الاشتراكية، مسجلا أن العسكر هناك "ليس سوى وسيلة لاستغلال النفوذ واختلاس الأموال العامة لفائدة مصالح شخصية". وأضاف العلوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن قائمة المحاكمين في عز فترة الحراك الجزائري كلهم تربطهم علاقة بالجيش، مؤكدا أن هذا الأخير لا تربطه أي صلة بالأفكار الاشتراكية، حتى في عهد الهواري بومدين؛ "كل ما وقع أنه تسلط على الكلمة اعتباطا". وبالنسبة للقيادي الاشتراكي فلويزة حانون، ممثلة حزب العمال، تبسط موقف اليسار الحقيقي من قضية الصحراء في الجزائر، كما أن جبهة القوى الاشتراكية سبق وعبرت عن مواقف جريئة رغم الأوضاع الصعبة التي تعيشها، بعد وفاة المؤسس الحسين آيت احماد. وطالب العلوي، ضمن التصريح ذاته، باستئناف الحوار الحزبي اليساري الجزائري المغربي؛ "فمن الضروري إقناع الجزائريين بالطرح الوطني الحقيقي"، منبها إلى صعوبة الخروج بموقف مشابه لما تتبناه لويزة حانون، بالنظر إلى الظروف التي تعيشها الجزائر.