يتواصل الجدل الذي أثاره انضمام جبهة العمل السياسي الأمازيغي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار قبل أيام، فبعد المواقف المتباينة التي عبرت عنها عدد من مكونات الحركة الأمازيغية، وتوزعت بين الترحيب والرفض والتحفظ، انبثق هذه المرة صوت معارض لهذه الخطوة من داخل الجبهة نفسها. لجنة الإشراف لجبهة العمل السياسي بسوس والجنوب أعلنت عن "تبرئها" من الاتفاق والالتزام الموقع مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وقالت إن آلية التفويض بإنهاء المشاورات مع مختلف الأحزاب السياسية ليس من مهامها توقيع اتفاقات نهائية مع أي حزب دون تفويض جديد من المجلس الفيدرالي. وذهبت جبهة العمل السياسي الأمازيغي بسوس والجنوب، في بيان، إلى اعتبار أن الاتفاق الموقع مع "حزب الحمامة"، بحر الأسبوع الماضي، "لا يُلزم سوى أولائك الذين وقعوه دون أي تفويض من المجلس الفيدرالي للجبهة، الذي يُعتبر الجهة الوحيدة المخول لها اتخاذ مثل هذه القرارات". ولم يُبْد المكوّن السياسي الأمازيغي المذكور أي معارضة لفكرة الانضمام إلى الأحزاب السياسية، إذ قال إنه يضع نفسه على المستوى نفسه مع كل الأحزاب التي فُتحت معها نقاشات ومفاوضات دون استثناء، وأبدى معارضته فقط لما سماها "المناورات التي يقوم بها أشخاص محدودون لجر الجبهة وخندقتها في حزب وحيد وأوحد". في المقابل قلّل محيي الدين حجاج، المنسق الوطني لجبهة العمل السياسي الأمازيغي، من أهمية رد فعل معارضي انضمام الجبهة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، موضحا، في تصريح لهسبريس، أن الجبهة لم تلتحق بالحزب المذكور فقط، بل تباشر مفاوضات مع أحزاب سياسية أخرى، "وبالتالي فليس هناك أي تخندق مع حزب معين". وأضاف المتحدث ذاته أن قرارات الانضمام إلى الأحزاب السياسية تُتخذ على مستوى الجهات والأقاليم، حيث تُعرض عليها عروض الأحزاب السياسية المقدمة إلى الجبهة، من أجل النظر فيها، وهي التي تقرر في هذا الشأن، وتعرض مقرراتها على المجلس الفدرالي لتنزيلها. واستطرد المنسق الوطني لجبهة العمل السياسي الأمازيغية قائلا: "نحن ننزّل فقط توجيهات الجهات، وإلى حد الآن فإن كل الجهات لم تُبد أي اعتراض على الخطوة التي أقدمنا عليها، سوى بعض العناصر في سوس، التي ربما تنتمي إلى أحزاب سياسية أخرى، وهي التي تحرك هذه الصراعات الحزبية الضيقة"، وفق تعبيره. حسن بنليزيد، المنسق الجهوي لجبهة العمل السياسي الأمازيغي بسوس، نفى هذا الاتهام، قائلا إن الموقف المعبَّر عنه إزاء الانضمام إلى حزب التجمع الوطني للأحرار تمخّض عن اجتماع عن بعد شارك فيه المنسقون الإقليميون بالجهة، من طاطا وتيزنيت وسيدي إفني وكلميم وإنزكان أيت ملول واشتوكة آيت بها، وأكادير، والصويرة وتارودانت. وأضاف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: "هؤلاء المنسقون الإقليميون عبروا عن رأيهم بحرية، وأكدوا رفضهم ما وقع على المستوى الوطني، ويتبرؤون من الاتفاق الموقع مع التجمع الوطني للأحرار"، مضيفا: "نحن مع مبدأ المشاركة السياسية، ولكننا ضد الانصهار في حزب سياسي معين". وبينما قال محيي الدين حجاج إن جبهة العمل السياسي الأمازيغي تباشر مفاوضات مع أحزاب سياسية أخرى، اتهم بنليزيد قادة الجبهة ب"إيصال المفاوضات إلى الباب المسدود، لغاية في أنفسهم"، مردفا: "هم من دفعونا إلى الانضمام إلى الحزب الذي يريدونه"، وذاهبا إلى القول إن مبادرة الانخراط في العمل الحزبي "كانت في البداية مبادرة نبيلة، ولكنها انتهت بالمكر والخداع".