في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الشاعر والكاتب المغربيّ محمد خير الدين، نشر الشاعر والمترجم الجزائري مبارك وسّاط مختارات مترجمة من أعماله الأدبيّة باللغة العربية. ويقول مبارك وساط إنّ هذه الطبعة الرقمية، الصادرة عن منشورات حبر، هي الجزء الأوّل، ومن المرتقب أن تصدر مستقبلا مختارات مترجمة في جزء ثانٍ. ويتضمّن هذا الجزء الأوّل المعنون ب "دمي الذي يرشو اليأس (مختارات شعرية ونثرية)" ترجمات قصائد اختارها الشاعر البارز مبارك وساط، وقصّة قصيرة، ومقتطفات من روايته "جسم سالب". ويفسّر مبارك وساط جمعه بين أجناس أدبية متعدّدة في ترجمة واحدة باستحضار تمرّد محمد خير الدين "(...) على الفصل بين الأجناس الأدبية، وعلى الحدود التي تُقامُ عادة بين الواقع، والحُلم، والهَلوسة، والاستِيهام"، الشيء الذي جعل "رواياته نفسها كثيرا ما تجمع بين المسرح والشّعر والسّرد الواقعيّ والحُلميّ والعجائبيّ والأوتوبيوغرافيّ". وفي تقديمه لمختارات من إبداعات خير الدين الأدبية، يكتب مبارك وسّاط أنّ كتابة الشاعر الراحل "تتميّز (...) بغناها المدهش بالصّور الفريدة، غير المتوقّعة، بل والشّديدة الغرابة أحيانا، وتبدو وكأنّها تدهَم صاحبها مِن حيث لا يَعلم". كما ينفي عنه الانتماء إلى أية مدرسة أدبيّة، قائلا: "كاتب مِن صنفِه لا يُطيق العيش بين الجُدران العازِلة التي تحيطُ بها الجماعات "المغلقة" نفسها". كما يذكِّرُ المترجمُ القارئَ بأنّ الحديث عن محمّد خير الدين يستوجب استحضار انتمائه "الجذري (...) الحميم، إلى بسطاء النّاس من أبناء الشّعب، بل مِن مختلف الشّعوب، وتشبّعه، خاصّة، بالإرث الثّقافيّ لأهل الجنوب المغربيّ، وعدم ممالأته للقارئ (...) أي أنّه كان يكتب كما ينبغي أن يكتب، حتى ولو اعتبر البعض كتاباته "مُعقَّدَة" أو "مُستَغلِقة" على المتلقّي". ومن بين ما نقرأه في هذه المختارات المترجمَة، قصيدة "صحراء"، للشّاعر محمد خير الدين التي يقول فيها: "أيّها الكلب المتوحّش، الشّديد النّزق، أترغَبُ في التّعبير.. عن صحراء ظِلّي التي تبعَث على الألم؟ // يا ابنَ آوى لا يَظهر إلا خلال الليالي غيرِ المُقمِرة،.. تعالَ وارقُص على الجراح الزّاهية لنهارات الهياج // أمنحكم ساعات مرضوضة ينضَح.. قيحُها عبر منقار الغُراب // مدينةٌ مأهولة بالمجانين تنبش.. طُرُقا أصبحَت مِزَقا... ذرّاتي تطِنُّ مثلما شُهُب.. في الدّموع المحبوسة. // أيّتها الضّباع الهائمة.. حطّمي هذا الجسد.. على الغيوم الصّقيلة".