في سنة 2019، أصدرت منظمة العمل الدولية، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيسها، الاتفاقية رقم 190، تتعلق بالقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، وانضمّ المغرب إلى الاتفاقية؛ لكن الحكومة لم تبادر، إلى حد الآن، إلى المصادقة عليها، كما لم تصادق على التوصية رقم 206 التابعة لها. خديجة الرباح، المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، كشفت أن الحكومة قالت بأنها ستصادق على الاتفاقية الدولية المذكورة؛ "لكنها، إلى حدود اليوم، لم تصادق عليها"، مبرزة أن الحكومة الحالية "لا تضع قضايا المساواة والنهوض بالحقوق الإنسانية للنساء ضمن لائحة أولوياتها". وأضافت الرباح، في تصريح لهسبريس، أن مقتضيات الاتفاقية الدولية 190 لا تحمي النساء وحدهن في عالم العمل؛ بل تحمي حقوق الرجال أيضا، لافتة إلى أن ما يحتّم المصادقة على هذه الاتفاقية هو أن قانون محاربة العنف ضد النساء 103.13 لم يستجب للمعايير الدولية المتعلقة بمحاربة العنف في أماكن العمل ولم يأخذ بهذه المسألة. وتنص المادة الرابعة من الاتفاقية الدولية المذكورة على أن تعتمد كل دولة عضو، وفقا لقوانينها وظروفها الوطنية وبالتشاور مع المنظمات الممثلة لأصحاب العمل وللعمال، نهجا شاملا ومتكاملا ومراعيا لقضايا الجنسين من أجل منع ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل والقضاء عليها. وجوابا عن سؤال حول سبب عدم مصادقة الحكومة على الاتفاقية الدولية للقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل، قال خديجة الرباح إن هذا التأخر يدل على أن قضايا حقوق النساء توجد خارج أجندة الحكومة الحالية، "وإلا لأصغتْ لنبض الشارع ووضعت خططا استباقية لحماية هذه الحقوق". وأردفت المتحدثة ذاتها أن مطالب الحركة النسائية التي تجددت بزخم أكبر خلال الأسبوع الفارط، مع انطلاق الأيام الأممية للقضاء على العنف ضد النساء، هي سيرورة لعمل الحركة النسائية طيلة السنة وليست مطالب لحظية، مضيفة: "لقد نبهنا الحكومة، منذ انتشار جائحة كورونا، إلى أن تداعيات هذا الوباء ستكون وخيمة على النساء؛ وهو ما أكدته مؤسسات رسمية لاحقا، مثل المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي". وتوقفت الرباح عند الأرقام التي كشف عنها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بخصوص تراجع حضور النساء في سوق الشغل من 19 في المائة إلى 17.1 في المائة، معتبرة أن انحسار نسبة التشغيل في صفوف النساء يشكل في حد ذاته عنفا ضدهن، وأن معطيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي "تعني أن الحكومة لا تولي اعتبارا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية النساء". ويحتفل العالم باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، الذي يستمر من 25 نونبر إلى 10 دجنبر من كل سنة، وهي مناسبة تجدد فيها المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة في المغرب مطالبها إلى الحكومة بتعزيز حماية النساء من كل مظاهر وأشكال العنف وضمان مختلف حقوقهن. وبالرغم من أن المرأة المغربية نالت مكتسبات منذ مطلع سنة 2000، وأبرزها تعديل مدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة)، وتوجّت بدستور 2011، فإن خديجة الرباح ترى أن القوانين التي تلت الوثيقة الدستورية "كانت ضعيفة مقارنة مع مقتضيات الدستور. وفي هذا الصدد، أشارت الفاعلة الحقوقية، على سبيل المثال، إلى أن تعيين النساء في المناصب العليا ضعيف جدا، إذ إن امرأتين فقط عيّنتا في منصب رئيس جامعة، "وبالكْشايْف"، تردف المتحدثة. وحمّلت المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة مسؤولية عدم تقدم حقوق المرأة في المغرب إلى حزب العدالة والتنمية، القائد للتحالف الحكومي، بقولها: "التقارير الرسمية مثلا تبيّن أن هناك ثغرات في مدونة الأسرة؛ ولكن الحكومة لم تبادر إلى إدخال أي تعديل عليها، وهذا يعني أن التيار الأصولي الحاكم لا رغبة له في بالدفع بوضعية النساء إلى الأمام".