تبارت الصحف الأوروبية الصادرة اليوم الجمعة في تصنيف ونعت التحول المريع الذي عرفته قضية احتجاز الرهائن بمحطة استخراج الغاز بعين أميناس جنوب شرق الجزائر٬ مبرزة عدم اكتراث سلطات هذا البلد بدعوات الحذر الصادرة عن الحكومات الغربية التي يوجد رعاياها بين أيدي الخاطفين. وانتقد كتاب الأعمدة والمعلقون بشدة "الوحشية" و "العنف" الذي تعامل به الجيش الجزائري مع قضية الرهائن٬ مذكرين بحالات مماثلة من الاستخدام المفرط للقوة في هذا البلد دون الاكتراث بحياة المدنيين. وسارت صحيفة " ليبيراسيون" الفرنسية المقربة من اليسار٬ عكس التيار حيث رحبت ب"الاشارات المشجعة " التي أطلقتها الجزائر في سياستها اتجاه الأزمة في مالي٬ في اشارة إلى الترخيص للطائرات الفرنسية لاستعمال أجوائها وإغلاقها للحدود مع مالي٬ مبرزة أنه من السابق لأوانه التأكد من ذلك "لأن النظام الجزائري عرف بغموضه". ومع ذلك - يقول رئيس تحرير الصحيفة - أن "هذا المعطى الجديد لا ينبغي أن ينسينا واقع نظام استبدادي٬ من بين الأنظمة الأكثر فسادا في العالم٬ تتحكم فيه طائفة صغيرة من العسكر جعلت الجزائر تترعرع في البؤس٬ في وقت تؤهلها ثروات باطن الأرض والطاقات الشابة لمصير آخر". وأوضحت صحيفة "لو فيغارو" المقربة من اليمين الفرنسي "الجيش الجزائري أثبت أنه لم يتغير" لأنه فضل على الدوام الوحشية لتصفية الحسابات مع الإسلاميين المسلحين". وذكرت الصحيفة ب"مجزرة سركاجي في فبراير 1995، التي لقي فيها حوالي المائة من السجناء الإسلاميين حتفهم٬ وبقضية الرهبان بتيبهيرين التي يروى أن رجال الدين الفرنسيين لقوا حتفهم عقب تدخل الجيش الجزائري٬ مشيرة إلى أن التاريخ الجزائري المعاصر يكتب بالدم والدموع. نفس الاستنتاج توصلت إليه الصحيفة الايطالية " كورييري ديلا سيرا" التي كتبت أن الحكومة الجزائرية تبنت٬ مرة أخرى٬ "إستراتيجية التعنت كما كان الحال خلال التسعينات في مواجهتها لجبهة الإنقاذ" حيث لم تترك مجالا للدبلوماسية ونبذت المرونة". وفي نفس الاتجاه٬ أبرزت الصحيفتان الإيطاليتان " لا ريبوبليكا" و" لا ستامبا" أن الهجوم الجزائري تحول إلى "كارثة" أدت إلى مقتل العشرات وإلى "وابل من الانتقادات" بسبب "الاندفاع" التي ميز هذا الهجوم. ومن جهتها كتبت صحيفة " لا ليبر بلجيك" البلجيكية أن اختيار السلطات الجزائرية للهجوم أدى إلى " موجة من عدم الرضا ببعض العواصم٬ التي فقدت رعاياها٬ متسائلة كيف يمكن لعشرين من المهاجمين الاستيلاء على محطة لاستخراج الغاز بهذه الأهمية. وتحت عنوان "الجزائر تقتل الجهاديين والرهائن"٬ كتبت صحيفة "لوسوار" أن "الرغبة في إيصال رسالة قوية للإرهابيين الذين تجرأوا على مهاجمة منشآت حيوية بالنسبة للنظام٬ جعلت حياة الرهائن لا تساوي الكثير" مشيرة إلى أن " الضغوط الغربية القوية من أجل الحفاظ على حياة الرهائن٬ لم يكن لها تأثير". وأضافت "لو سوار" أن عملية احتجاز الرهائن أظهرت جليا أن تدويل الصراع في مالي لم يعد خطرا محدقا بل أضحى واقعا دمويا فوق رمال الصحراء الجزائرية". ومن جهتها لاحظت صحيفة "لا ديرنيير أور" أن لندن وواشنطن وباريس وضعت أمام الأمر الواقع لأن "الجزائر لم تتعود على طلب الدعم الخارجي عندما يتعلق الأمر بالإرهاب". وأضافت أنه من الواضح أن الإسلاميين٬ الذين أتوا من الجزائر نفسها٬ استعدوا بشكل جيد حيث رصدوا المكان وكانوا يعرفون أنهم سيضربون المصالح البريطانية والدانمركية في موقع وجدوا فيه موظفين من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان يعتبرون "أهدافا مثالية ". وفي مدريد أبرزت صحيفة "الباييس" في مقال تحت عنوان " هجوم دامي وناري لتحرير الرهائن" أن فرنسا والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا "انتقدت غياب الشفافية في هذه العملية "التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى الأجانب. وأضافت "الباييس" أن الجيش الجزائري أطلق أمس الخميس عملية للإنقاذ غير واضحة ودامية لانهاء عملية احتجاز هي الاكبر من نوعها في تاريخ البلاد٬ مشيرة الى ان قلة المعلومات عن الهجوم أثارت موجة من الانتقادات لدى الدول التي كان رعاياها محتجزين. وكتبت الصحيفة الاسبانية "الموندو" أن الجيش الجزائري نفذ عملية ميزها "الدم والنار" في حقل الغاز تينغانتورين خلفت ثلاثين قتيلا بين الرهائن الأجانب٬ مشيرة إلى أن الحرب التي تشهدها مالي تتسع رقعتها لتشمل الجزائر. وذكرت الصحف البريطانية بإلغاء رئيس الوزراء ٬ الذي وصف الوضع في الجزائر بأنه "خطير للغاية"٬ زيارة كان سيقوم بها اليوم الجمعة لهولندا من أجل توجيه خطاب بالغ الأهمية حول العلاقات بين بلاده والاتحاد الأوروبي. وأبرزت صحيفتا "التايمز" و"الاندبندنت" البرطانيتان غضب حكومة المملكة المتحدة بسبب سلوك السلطات الجزائرية حيث أشارت إلى حالة الغضب الشديد التي انتابت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد قرار السلطات الجزائرية شن هجومها العسكري ضد محتجزي الرهائن بدون أي مشاورات أو اتصالات مع لندن. ولمحت الصحف البريطانية في هذا السياق إلى التحذير الذي وجهه أمس الخميس ديفيد كاميرون بخصوص استعداد المملكة المتحدة لتقبل أخبار سيئة في إشارة منه إلى مصير الرعايا البريطانيين الذين يوجدون من بينه الرهائن الذين تحتجزهم مجموعة جهادية في محطة المحروقات عين إميناس بجنوب شرق الجزائر. وكتبت صحيفة "الديلي ميل" من جانبها أن سلطات الجزائر شنت هجومها على المختطفين بالرغم من التحذيرات التي وجهتها لندن٬ فيما أشارت صحيفة "التلغراف" من جانبها إلى أن قادة الدول الغربية كانوا قد دعوا الجزائر من أجل معالجة أزمة الرهائن بكل حذر٬ مضيفة بأن "المنحى الكارثي الذي آلت إليه الأحداث أثار غضبا متزايدا لدى الدول الغربية". وتساءلت صحيفة "الغارديان" من جهتها عن الخطة العسكرية التي وضعتها السلطات الجزائرية خلال هجومها٬ فيما دعت التايمز إلى ضرورة دراسة ردود فعل المسؤولين في الجزائر. ومن جهتها أشارت صحيفة "دياريو دي نوتيسياس" البرتغالية ٬ في مقال تحت عنوان "الإرهاب في الجزائر" إلى أن أي حصيلة رسمية لم تصدر عقب العملية العسكرية٬ متسائلة حول " السهولة التي لاقاها الإرهابيون في الدخول إلى المجمع". وأكدت الصحيفة أن البرتغال لن ترسل قوات إلى مالي٬ وذلك بسبب الصعوبات المالية التي تعرفها٬ مشددة على أن لشبونة مستعدة للمشاركة في بعثة الاتحاد الأوروبي لاعادة تنظيم الجيش المالي .