كل شيء في الجزائر يثير العجب العجاب ويدعو للحيرة والاستغراب؛ مليون ونصف مليون شهيد قاوموا محتلا أجنبيا كان يقتلهم بالرصاص على رؤوس الأشهاد في وضح النهار، ليبدِّلوه بعصابة من بني جلدتهم تذبح أبناءهم وأحفادهم بالسيوف والخناجر كالخرفان ليلا وهم نيام؛ وليست العُشرية السوداء عنهم ببعيد؛ عصابة تسرق رغيف موائدهم، الخالية أصلا من كل سمن وزيت، لتعطيه لمواطنين مغاربة عاقين لوطنهم ومتنكرين لدينهم سموا أنفسهم زورا وبهتانا الشعب الصحراوي الذي طرده المحتل، والحقيقة أنه الشعب الصحراوي المختل. حتى كورونا حينما أصابت رئيسهم "تبون"، بدل أن تضرب رئتيه مثلما تفعل بكل الذين أصابتهم على أرض المعمور ضربت قدمه؛ وكأنها إشارة ربانية على أنه نظام أعرج يستحق الشعب الجزائري العظيم أفضل منه أو على الأقل نظاما أقل منه سوءا ودموية. من الإنصاف أن نُقر بأن كون المغرب مجاور لهذا النظام الوحشي، الذي لا يردعه رادع ولا تنفعه ذكرى أو عظة، عشرات السنين دون أن تقوم بينهما حرب كحرب الغبراء هو في حد ذاته إنجاز عظيم، لا يقوى على تحقيقه إلا بلد غارق في الحكمة والأناة متشبع بروح القوة والثقة في النفس والتسامح كالمغرب؛ لكن، حتى الأنبياء قد ينفد منهم الصبر في يوم من الأيام. العجيب في الأمر أن هذا النظام يدَّعي بأنه يلزم الحِياد في قضية الصحراء، والأعجب منه أن مسؤوليه لا تنتابهم نوبات من الضحك وهم يصرحون بذلك في القنوات الرسمية الجزائرية؛ شأنهم في ذلك شأن ذلك المسلم المتحمس الذي خرج في تظاهرة مناهضة للميز العنصري ضد المسلمين في أوروبا وهو يحمل يافطة مكتوب عليها: "من قال إن الإسلام دين إرهاب قطعنا لسانه". لم يعد الحديث في موضوع الجزائر والصحراء المغربية يحتاج لإقامة الأدلة وبسط البراهين؛ لأننا لا نتحاور مع عقلاء يحكمهم المنطق ويضبط حركاتهم وسكناتهم العقل والحكمة؛ إنما نحن بصدد كائن مُشبع بروح الحقد الأعمى والكره الدفين؛ كائن مجنون يخبط خبط العشواء ويحارب طواحين الهواء؛ إلا أن المغرب لا يهمه كثيرا أن يتعقل أعداؤه أو يزدادوا حمقا وجنونا ما دامه في صحرائه والصحراء في مغربها حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.