خلّفت التشكيلة الحكومية الجزائرية انتقادات شعبية واسعة من لدن قادة الحَراك، الذين وصفوها بأنها "امتداد للعهد السابق"، لكون "الحرس القديم" مازال حاضراً في توزيعها العام، إذ تتضمن العديد من الأسماء التي شغلت مناصب سيادية في عهد الرئيس المعزول عبد العزيز بوتفليقة. ويترأس الحكومة الجديدة، المنبثقة عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، أيمن بن عبد الرحمان، الذي تقلد مناصب عديدة في العقدين الماضيين. كما عرفت التشكيلة الحكومية عودة بعض الأسماء التي سبق أن تحملت مناصب وزارية كثيرة في عهد الرئيس الجزائري بوتفليقة. ولم تتغير التشكيلة الحكومية بشكل واسع، بما يتجاوب مع مطالب الحَراك الجزائري الداعي إلى تجديد النخب السياسية، إذ يتكون الفريق الجديد من 34 عضوا، أي أقل بعضوين عن الحكومة السابقة، ويضم أربع نساء؛ في حين استمر سبعة عشر وزيرا في مناصبهم. وشهدت الانتخابات التشريعية الفائتة مقاطعة شعبية بلغت 77 بالمائة من الجزائريين الممتنعين عن التصويت، بناء على المطالب المتواصلة للحراك الاحتجاجي الداعي إلى تشبيب النخب الحاكمة، وتغيير السياسات الوطنية المنتهجة، والقطع مع الممارسات السابقة. وتعليقا على ذلك، قال الباحث في الشؤون السياسية محمد شقير إن "قراءة التشكيلة الحكومية تنطلق من سياق الصراع القائم بين النظام الجزائري والحَراك الشعبي؛ الذي ينادي بالتغيير الجذري للنظام، واستبدال الوجوه السياسية الحالية". وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "77 بالمائة من المواطنين الجزائريين قاطعوا الانتخابات التشريعية الأخيرة، بل جرى إحراق العديد من صناديق الاقتراع ببعض المناطق"، مبرزاً أن "التشكيلة الحكومية لم تُجب عن الإشكالات التي تؤرق الجزائريين، بقدر ما وجهت رسالة سياسية بادية إلى الحَراك". وأوضح الباحث عينه أن "النظام لا يريد التزحزح قيد أنملة، ولا يريد الإجابة عن مطالب الحراك، وهو ما تعكسه التشكيلة الحكومية التي تفيد بأن التغيير غير متاح هذه اللحظة"، ثم زاد: "حزب جبهة التحرير، الذي تصدر الانتخابات، بقي محافظاً على الوجوه نفسها التي تتكون منها الحكومة". وتابع شقير بأن "التشكيلة الحكومية لا يمكن إلا أن تعكس الصراع السياسي بين الجنرالات والحراك الشعبي، ما يكشف بالملموس أن شعارات التشبيب والتغيير المرفوعة من طرف النظام تظل مجرد وسيلة للحفاظ على البنية التنظيمية التي تسيرها النخب الشائخة".