بعدما شهدت العلاقات الدبلوماسية بينهما فتورا في السنوات القليلة الماضية، طوى المغرب وهولندا صفحة التوتر بتوقيع خطة عمل مشتركة من أجل تعزيز التعاون الثنائي. وكانت العلاقات بين الرباط وأمستردام عرفت العديد من التقلبات بسبب ملف معتقلي حراك الريف، وملف سعيد شعو، وقضية طالبي اللجوء المرفوضين ومزدوجي الجنسية الذين علقوا بالمملكة خلال فترة الطوارئ الصحية. وفي خطوة تهدف إلى تجاوز الفتور الدبلوماسي، وقع السفير المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج فؤاد يزوغ، والمدير العام بوزارة الشؤون الخارجية الهولندية ثيس فان دير بلاس، خطة عمل تشدد على أهمية تعزيز الحوار السياسي ليشمل جميع المجالات والمواضيع المتعلقة بالعلاقات الثنائية، وتحديد محاور جديدة مبتكرة للتعاون وسلاسل قيم جديدة لتوطيد أكبر للشراكة التي تربط بين البلدين. وأكد البلدان ضمن هذه الخطة ضرورة احترام سيادة ومؤسسات كل منهما، وتوطيد قواعد الشراكة على أساس احترام المصالح المشتركة للبلدين. كما قرر الطرفان ضمان شفافية التمويل الثنائي، ووافقا على إجراء حوار دائم لتسهيل التبادل المنتظم للمعلومات قبل تمويل المنظمات غير الحكومية، مع احترام الأطر القانونية لكلا البلدين. وأوضح بلاغ مشترك بين خارجيتي المغرب وهولندا أن الهدف من وراء هذا الاتفاق الجديد، هو "توطيد العلاقات الثنائية على أسس سليمة ومتينة، وكذا منحها قوة دفع تكون في مستوى طموحات البلدين والإمكانيات الكبيرة التي يتوفران عليها، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار التعاون بين المغرب وهولندا والاتحاد الأوروبي، أو التعاون الثلاثي تجاه إفريقيا". وأضاف المصدر ذاته أن الرباط وأمستردام عبرتا عن "رغبتهما والتزامهما بمواصلة تطوير علاقاتهما في إطار التعاون الوثيق وروح الصداقة والاحترام المتبادلين ومراعاة مصالحهما المشتركة، سواء على المستوى الثنائي أو في المحافل متعددة الأطراف". واتفق الطرفان أيضا على مواصلة تنسيقهما من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لا سيما في إطار تفعيل الإعلان المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الصادر في يونيو 2019. كما التزم البلدان بمواصلة تعاونهما في مجالات السلم والعدالة والأمن. وعلى الصعيد الاقتصادي، اتفق الطرفان على الشروع في التفكير لإنشاء آلية مبتكرة للمناقشات الاستراتيجية المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والتجاري من أجل تشجيع وتحفيز الاستثمارات والمبادلات التجارية بين البلدين. ومن بين المجالات التي تم الاتفاق على تعزيزها وتشجيع التعاون فيها، الفلاحة والمياه (بما في ذلك إعادة استخدام المياه العادمة) والطاقة المستدامة، بالإضافة إلى ملف الهجرة؛ إذ تم الاتفاق على إنشاء لجنة تعاون مشتركة في هذا الملف الشائك. وأشارت الوثيقة الرسمية إلى أن المغرب وهولندا تعهدا ب"العمل على جعل الجالية المغربية المقيمة في هولندا والجالية الهولندية المقيمة في المغرب رافعة لصالح تعزيز التعاون والتقارب الثقافي"، وتعزيز التعاون الجامعي بين البلدين، لا سيما من خلال تعزيز الزيارات الدراسية المتبادلة وبرامج التدريس. وكان المغرب اتهم هولندا في مناسبات عدة ب"التدخل في شؤونه الداخلية". وزاد التوتر بعد التحركات الرسمية لأمستردام عقب صدور أحكام قاسية في حق معتقلي حراك الريف، وهو ما دفع الرباط إلى استدعاء سفيرة هولندا في المغرب عقب تصريحات أدلى بها وزير خارجية بلادها في البرلمان بخصوص ملف حراك الريف. وقال جيروين رودنبورغ، سفير هولندا المعتمد لدى المملكة المغربية، الذي وصل قبل أشهر إلى الرباط، في حوار سابق مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن العلاقات بين البلدين ليست جديدة بل تمتد على مدى أربعة قرون، مضيفا أن الرباط وأمستردام تمكنتا من "تكوين علاقات صداقة وتعاون متينة للغاية، مما جعل المغرب شريكا مهما لهولندا".