قال أنس أبو الكلام، الأستاذ الجامعي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش ورئيس الجمعية المغربية للثقة الرقمية، إن هذه الهيئة قامت، بعد ما راج بخصوص استعمال المغرب لبرنامج "بيكاسوس" للتجسس على هواتف صحافيين ونشطاء حقوقيين وشخصيات دولية، بدراسات تقنية وعلمية موضوعية لتوضيح مدى صحة هذه الادعاءات. وأوضح أنس أبو الكلام، في تصريح لهسبريس، أن نتائج هذه الدراسات خلصت إلى تهافت الادعاءات المسيئة إلى المغرب، لافتقارها إلى الحجج العلمية التي تثبت صحة ذلك، مضيفا: "ما يروج يقتصر على معلومات غير دقيقة لتمويه الرأي العام، عوض الإدلاء بدلائل مادية تقنية وعلمية". واستطرد المتحدث ذاته قائلا: "نذكر في البداية بأن برنامج "بيكاسوس" بيع إلى دول عديدة، واستعمل مثلا في هنغاريا (دولة داخل الاتحاد الأوروبي) والهند والمكسيك وبالمملكة العربية السعودية وأندونيسيا والإمارات العربية وكازاخستان وأذربيجان؛ بهدف إنقاذ الأرواح، ومساعدة الحكومات في جميع أنحاء العالم على منع الهجمات الإرهابية، وكسر الاعتداء الجنسي على الأطفال وشبكات الجنس وتهريب المخدرات، وتحديد أماكن الأطفال المفقودين والمختطفين، وتحديد مواقع الناجين المحاصرين تحت المباني المنهارة، وحماية المجال الجوي من الاختراق التخريبي للطائرات بدون طيار الخطرة"، حسب شركة NSO. وطرح الخبير في الأمن السيبراني وفي أمن نظم المعلوميات علامة استفهام كبيرة حول الغاية من استهداف المغرب بالأساس دون غيره، ومن طرف الصحف والمؤسسات نفسها المعروفة بعدائها؟ مضيفا: "لم يعد يخفى على أحد أن الاختراق المعلوماتي استعملته وتستعمله مجموعة من الدول الغربية في حربها الإلكترونية، أو الاقتصادية أو الإستراتيجية أو السياسية، وبشكل مستمر، ولم يثبت أبدا أن كان المغرب من المشاركين فيها". وأكد رئيس الجمعية المغربية للثقة الرقمية دهشته الكبيرة، إذ إن الفحص العلمي للتقارير التي تتحدث عن اختراق السلطات المغربية للهواتف يظهر جليا أنها لا تتوفر فيها الموضوعية العلمية؛ فلا حضور للخطوات المنهجية، والأدوات أو عيّنات البحث، المعترف بها من طرف المجمع العلمي الرقمي، من قبيل طرق الافتحاص المعلوماتي وأساسيات التحقيقات الرقمية "forensics numérique". وواصل مبينا تهافت التقنيات التي نشرتها "أمنستي" والتي اعتمدت عليها باقي الصحف المعادية للمغرب، قائلا: "تتحدث مجملا عن طريقة / injection réseau / phishing التي تستعمل في العالم بأسره، وحذر المغرب من تداعياتها مرارا، وقام بحملات توعوية عديدة لتفاديها"، وتحدى من يروج لهذه المزاعم أن يقدم أدنى دليل مادي وملموس يدعم روايته". وذكر المتحدث عينه أن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات ومديرية تدبير مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية (التابعة لها) سبق أن حذرت من وجود ثغرات يمكن استغلالها لبث فيروسات تستهدف الهواتف، وتتيح للمخترق التحكم فيها. وما يوضح تهافت "التقرير العلمي" الذي اعتمدته منظمة العفو الدولية وائتلاف (Forbidden stories) هو قوله: "أن النتائج تعتمد على تحديد الموقع الجغرافي لخوادم (مسجل اسم النطاق) DNS، فعوامل مثل VPN (الشبكات الافتراضية الخاصة) ونقل الأنترنيت عبر الأقمار الصناعية، يمكن أن تسهم في أن تكون المعلومات التي تم التوصل إليها غير دقيقة". وخلص أنس أبو الكلام إلى أن الطريقة التي فُحصت بها الهواتف التي يزعم أنها تعرضت للاختراق تطرح جملة تساؤلات، مشيرا إلى أن خبراء هذه الجمعية الرقمية يضعون أنفسهم رهن إشارة المختصين لمناقشة الجوانب العلمية والتقنية بدقة، لتمييز الخيط الأبيض من الأسود وظلال الشك التي تلقي بنفسها على مصداقية المؤسسات الإعلامية والحقوقية التي وجهت الاتهام إلى المملكة المغربية بدون سند علمي. وعبر الخبير ذاته عن "تحمل المسؤولية العلمية في الجزم بأن هذه الاتهامات مليئة بالافتراضات الخاطئة، ونظريات لا أسس متينة لها، وتقديمها لبعض مصادر معلومات ليس لها أساس واقعي، وتفتقد إلى المنهج العلمي المتبع والمتعارف عليه في التحقيقات المعلوماتية المعروفة بforensics ، وتفتقر إلى الأدلة العلمية الدقيقة، وبالتالي فالمصداقية والمعقولية العلمية تعوزها"، يختم أنس أبو الكلام.