يغادرنا شهر يوليوز ويطل شهر غشت، وكأن مراكش وقعت في حب وباء "كوفيد 19′′؛ فلا يزال الكل يتذكر ما عرفته مستشفيات هذه المدينة خلال سنة 2020، حين عاشت المؤسسات الصحية أسابيع سوداء بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وفقدت ثلة من أطرها الطبية والتمريضية بسبب ارتفاع حالات الإصابة. ويتذكر المراكشيون الحكاية المؤلمة التي عاشوها مع مستشفى ابن زهر، الذي شكل نقطة سوداء في المنظومة الصحية بالمدينة الحمراء، وثقتها مقاطع مصورة، بثتها كبريات القنوات الإعلامية الدولية، بعد تناولها من طرف الصحافة الوطنية التي تناقلت صورا لمرضى غصت بهم قاعات العلاج. ومع الارتفاع الأخير للإصابات، أعيد افتتاح المستشفى الميداني بابن طفيل بالمركز الجامعي محمد السادس، كما بدأت أفواج من المواطنين تتوجه إلى المشفى الإقليمي ابن زهر الذي خصص هو الآخر لعلاج وباء "كوفيد 19′′، فشرع من لم يستطع منهم إجراء التحاليل بالمختبرات الخاصة يهرول نحو مستشفى المامونية؛ ما جعل أطره الصحية تدق ناقوس الخطر أمام ارتفاع الحالات الإيجابية. وفي عز هذا الوضع الصحي، تم نقل مرضى القصور الكلوي من مركز لتصفية الدم بحي جنان أوراد بمقاطعة جليز بمراكش إلى مستشفى ابن زهر بالمدينة العتيقة، المعروف لدى المراكشيين ب"المامونية"، لتجاور هذه الفئة مرضى جائحة "كورونا"؛ ما زاد الطين بلة، في ظل وضعية وبائية وصفتها وزارة الصحة بالمقلقة. وبهذا الخصوص، قالت إلهام الأزهري، مريضة بالفشل الكلوي منذ 15 سنة، إن "هذه العملية تشكل خطرا كبيرا على مرضى القصور الكلوي الذين يفتقرون إلى المناعة؛ ما يشكل تهديدا صحيا على حياتهم، خاصة في ظل ظروف مستشفى ابن زهر التي يعرفها الجميع"، وفق قولها. وأجمعت تصريحات مرضى وأقربائهم، الذين يتجمهرون أمام باب مستشفى ابن زهر هذه الأيام، على أن هذه المؤسسة الصحية تعرف اكتظاظا لا يسمح بإجراء التحاليل، لمن ليست لهم القدرة على إجرائها بالمختبرات الخاصة، مؤكدين أن الانتظار قد يصل إلى 3 أيام أو أكثر؛ ما يمكن أن يتحول إلى بؤرة وبائية حقيقية. عبد الكريم أيت باعلي، عضو المكتب المحلي للجامعة الوطنية للصحة(UMT) بمستشفى ابن زهر، أوضح أن "مستشفى ابن الزهر امتلأت طاقته الاستيعابية، بعد إعادة تخصيصه كليا "لكوفيد19′′؛ ما جعلنا ندق ناقوس الخطر، ونحذر إدارة المستشفى من وقوع ما وقع السنة الماضية، وأدى إلى إصابة مجموعة من الأطباء والممرضين بوباء "كورونا"". وفي تصريح لهسبريس، تابع المتحدث نفسه قائلا: "وأمام التزايد المهول لعدد الإصابات في صفوف الأطر الصحية العاملة بمستشفى ابن زهر بمراكش، الذي يعيش ضعفا لا يساير الإمكانيات، طالب المكتب النقابي نفسه بتوفير المزيد من الحماية ووسائل الوقاية للأطر الصحية في مختلف مواقع العمل". ودعا بيان هذه النقابة إلى تسهيل استفادة كافة الحالات المشكوك فيها من الأطر الصحية من الكشف المستعجل وتخصيص جناح خاص لهذا الغرض، وطالب بتخصيص جناح خاص لاستشفاء الأطر الصحية المصابة وبإيجاد حلول مستعجلة لمشكلة النقص في الأطر الصحية بعدد من المصالح الحيوية بالمستشفى (مصلحة الإنعاش، والمستعجلات، ومصالح الاستشفاء). وفي الإطار نفسه، أوضح صالح غزالي، عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية (فدش)، أن "الأطر الصحية تمكنت من تلقيح أزيد من مليون شخص في يومين فقط. وهذا دليل على أن المشكل عند الجهات المعنية بالقطاع، التي لم توفر اللقاح والوسائل من قبل". وزاد عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية قائلا: "لو تم توفير ذلك؛ لكنا انتهينا من تلقيح المغاربة، دون الحاجة إلى عمل السبت والأحد والأعياد". وأكد غزالي أن مراكز التلقيح بجميع ربوع المملكة تسجل أرقاما قياسية، ولا أحد التفت إلى هذه المجهودات التي يبذلها الطاقم الصحي، مشيرا إلى أن "تلقيح أزيد من مليون مواطن في أقل من 8 ساعات يعتبر إنجازا تاريخيا تحقق بفضل أطر الصحة؛ ولو كنا في دولة تحترم أطرها لاعتبرت ذلك يوما وطنيا يتحفى به"، وفق تعبيره.