مي خدوج، امرأة مسنة كانت تقطن أقصى المدينة في "براكة" تتوسط عمارات، مات زوجها الذي لم تخلف منه منذ 10 سنوات، و تركها وحيدة بدون عائل، لا أقرباء يصلونها و لا جيران يعطفون عليها..! تحمل سطلها و عدة التنظيف على ظهرها، و تقصد إحدى القيساريات، تكنس و تنظف دكاكينها مقابل دريهمات قليلة وبعض المؤونة البسيطة.. ، ورغم قسوة الحياة إلا أنها كانت مرحة مطمئنة، فهي مكتفية بما تنفق وما تدخره، و كانت حريصة على تجنب التشنج مع جيرانها الأثرياء، تؤدي فواتير الماء و الكهرباء بانتظام، بشكل يثير الاستغراب، لكنها تعلم علم اليقين أن سقف سعادتها يوجد هناك، حيث لا أحد يجرؤ على المساس بكرامتها..! مي خدوج، امرأة من الزمن الجميل، كسر خاطرها مؤخرا، بعد أن زارتها فواتير "مضخمة" للماء والكهرباء..! قيل لها بعد أن قدمت شكواها: أن (قابضا أو قابضة) عبث بفواتيرها، و أعاد هيكلتها لأنه (أو لأنها) زعمت أنها معسرة ..! اختنقت أمي خدوج من الغيض، و كلمت نفسها في "دروب المدينة" عسى أن يسعفها رحيم، صلت ودعت الله أن يفرج كربتها، فهي لا تقوى على أداء فواتير سنتين كاملتين..! يا الله، لم تمض إلا أيام حتى استدعيت شاهدة على و قائع غريبة، سألها المحقق: لمن كنت تؤدي المال من أجل أداء قيم الفواتير؟ قالت: للقابض سيدي، ولعله رئيس القوابض، إنه.. (و لا يدري الراوي جنسه) طيب مرح، ولا أظنه يغدر بي.. المحقق: لقد فعل "آمُّمتي" مي خدوج: وأنا المحقق: هذا دور القضاء.. اختفت مي خدوج في دروب المدينة من غير أثر، وقيل أنها رحلت لمسقط رأسها تاركة براكتها لأحد أقربائها، فهي لا تطيق المدينة بعد هذه الواقعة.. و لم تمض شهور حتى شهدت واقعة نضالية زعموا أنها تضامنية مع رفيق أو رفيقة _لازلت أجهل جنسه_ زج به في السجن "مظلوما"، رددت الشعارات معهم بحماسة، غير أن أحدهم همس في أذني أن صاحبنا أو صاحبتنا هي البطلة الثانية لهذه الحكاية..!