أعاد الروائي عمر الأنصاري صياغة فصول معركة وادي المخازن في روايته الجديدة الموسومة ب"ملك المور" ليميط اللثام عن تفاصيل حقبة مغربية شهدت تحولات كبرى انتهت بإعادة صياغة مغرب جديد حينها. الرواية الصادرة عن "المركز الثقافي العربي"، تقع في 208 صفحات، تناولت الأحداث التي صعدت بالملك السعدي عبدالملك بن محمد الشيخ إلى السلطة بعد أن أصبح المغرب ضعيفا ومعرضا للمصير الذي لقيه الأندلس بعد 80 عاما من سقوطه، إذ تبدأ الرواية في تلك الحقبة التي بدأت فيها العدوة الأخرى في البرتغال وأسبانيا تتطلع إلى شواطئ المغرب. وقد استطاع الأنصاري أن يعكس في ملك المور، صورة بانورامية واسعة للمجتمع المغربي حينها، وبشتى مكوناته وإثنياته المختلفة، مجتمع مغرب ما بعد الأندلس، بعد أن أضحى المغرب وريث هموم الأندلس. فتناولت الرواية مجتمع واسع أصح ما يقال عنه أنه مجتمع "المور" المكون من الأمة الأصيلة فيه وصاحبة الأرض، البربر، إضافة إلى أطياف المجتمع العربي، والأندلسي واليهود، حين كان المغرب وعاء جامعا لكل المجتمعات الممتدة من الأندلس وحتى أطراف الصحراء الكبرى. وتبدأ الرواية، حين عرف البطل عبد الملك (السلطان أبي مروان عبدالملك السعدي) ، وأخيه مولاي أحمد الذي سيصبح فيما بعد "المنصور الذهبي"، عرفا أن ابن أخيهما قد قفز على عرش المغرب فيما أحقية الملك لعبد الملك، وزاد من استيائهما أن الملك الجدد عازم على تسليم شواطئ المغرب للبرتغال بزعم حمايته من العثمانيين. وهنا يبدأ الأميران عبدالملك وأحمد رحلتهما الطويلة لاستنقاذ المغرب، من براثن الخطر، الخطر الذي لولا تحركهما لانتهى المغرب بالمصير الذي آل إليه الأندلس. وفي الرواية المليئة بالحركة، والتي صاغها الأنصاري بلسان فصيح ليقترب بها من كلاسيكية العصر، نجد البطل يسير خطوة خطوة رغم المصاعب الجمة في مغامرته التي كانت ساحتها سجلماسة وتلمسان وتونس وعاصمة الخلافة الإسلامية الأستانة (إسطنبول). وهي الرحلة المضنية التي استغرقت وقتا من الأمير ليجمع نفسه، وأنصاره لاستعادة المغرب من ملك سفيه أراد أن يعطي جزء منه لأعداء يتحينون الفرصة للانقضاض عليه كما انقضوا على الأندلس وتونس حينها. وبالطبع، فإن الحدث الأبرز الذي هو مدماك العمل برمته، هو "معركة وادي المخازن" أو "معركة الملوك الثلاثة" التي صاغها الأنصاري بتفاصيل فائضة بل وبتصوير شبه كامل، نفاجأ فيه بأبطال ربما كانو في هامش التاريخ حينها، لكن العمل أبرزهم كأبطال رئيسيين، والمفارقة أنهما من البرتغال وأسبانيا، وهما القائدان، رضوان وجؤذر. إضافة إلى شخصيات يهودية في صلب العمل أبرزت بشكل واف صورة المغرب في ذلك العصر. ويبقى العمل الذي هو رواية تاريخية بامتياز، بانتظار القراء وكذا أساتذة النقد للحكم عليه، كعمل روائي، وليس كتاريخ بطبيعة الحال.