كثرت في الأيام القليلة الماضية ،أحاديث يقشعر لها البدن تتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال. أبطالها رجال متقدمين بعض الشيء في السن ، و أحيانا آباء لأطفال آخرين. كذلك فإن أجانب من دول غربية : اسبانيا، فرنسا، انجلترا…ينتقلون إلى مدن مغربية سياحية من أجل نفس الغاية. إنها مدن : مراكش، أكادير، طنجة ، فاس…الخ،حيث يستغل هؤلاء الأجانب حاجة و فقر بعض الأطفال من أجل الاعتداء عليهم جنسيا. و آخر الحالات التي هزت الرأي العام ، هي تلك المرتبطة بالمدعو " كالفان" الإسباني الذي اعتدى جنسيا على كثير من الأطفال و استفاد من عفو ملكي. إن الإفراج عن " كالفان" أثار سخط المجتمع برمته، و كأن أطفال المغرب سلعة رخيصة. هذا الحدث و غيره ، جعل ذاكرتي ترتد إلى الماضي و بالضبط إلى مرحلة الطفولة، حيث كانت تُتَدَاوَلُ قصص مرعبة لاعتداء بعض الرجال جنسيا علىالأطفال. و ما قصة الطفل " عز الدين" ، ذلك الوسيم الذي كان يدرس معي في نفس القسم إلا دليل على إحدى الحالات المأساوية و المؤلمة و التي ذاع صيتها. ذلك أن الطفل المذكور كان يتمتع بحاذبية خاصة، و أن ثلاثة من المجانين في عمر أبيه ، استدرجوه بواسطة أحد أصدقائه إلى مكان خال ، حيث اغتصبوه. لم يحتمل ذلك الصبي وقع الحدث عليه، حيث ترك في نفسه جرحا غائرا يصعب التئامه ، فاختل عقله من جراء الضغط النفسي الرهيب الذي عاشه. و لازال لحد الآن بعد أن أصبح رجلا يجوب الشوارع بأسمال بالية و رثة فاقدا لإدراكه و تمييزه. كذلك لا زلت أتذكر ذلك المجرم و اللص المحترف الذي كان يلقب ب " الوحش" و الذي كان مهووسا جنسيا بالأطفال و يعتدي عليهم. كان قد أعجب بأحدهم و قرر أخذه من ذويه و ممارسة الجنس عليه بالقوة و الغلبة ، و إرجاعه إلى منزل عائلته و كأنه دمية يفعل بها ما يريد. و في إحدى المرات ، حاول أخذه من منزله كالعادة و كان ذلك بحضور أفراد عائلة الصبي الذين كانوا يخافونه . إلا أن أخاه الأكبر قرر منعه و الوقوف في وجهه من أجل التوقف عن ارتكاب جرمه في حق أخيه . لم يتقبل " الوحش" تللك المواجهة و الممانعة الصادرين عن الأخ الأكبر لذلك الطفل. ارتمى " الوحش " على جسم خصمه و بدأ في الاعتداء عليه ، و لم يفطن المجرم إلا و سكين الفتى قد انغرس في قلبه ، حيث لفظ أنفاسه . قضى " الوحش" و فرحت الأسر و الآباء خاصة ، بمقتله، لكونه كان يرعب العائلات باعتدائه الدائم و المستمر على أبنائها. فيما تمتع الجاني بظروف التخفيف من طرف المحكمة و لم يقض إلا فترة قصيرة في السجن. و نتيجة لمثل هذه الأحداث ، كنا و نحن أطفال ، نعيش رعبا دائما ، كلما تأخرنا عن الدخول إلى منازلنا باكرا أو بقينا إلى ساعات متأخرة في السينما لمشاهدة بعض الأفلام ، أو حاولنا السفر إلى إحدى المخيمات برفقة أصدقائنا و مؤطرينا. كذلك كنا نعيش هذه اللحظات الرهيبة عند ذهابنا إلى البحر أو النهر قصد الاستجمام ، حيث كانت تتواجد هناك و بشكل دائم تلك " الذئاب" البشرية التي تتربص بالأطفال و تنتظر فرصة الانقضاض عليهم لنهش لحمهم الطري . هذه الظاهرة الشاذة تواجدت و لازالت و ستبقى قائمة لاعتبارات متعددة منها : النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية…الخ. و من أجل محاصرتها لا بد من التحسيس و التوعية بخطورة تلك الجرائم على الأطفال و عائلاتهم و المجتمع عامة ، من خلال جمعيات المجتمع المدني كجمعية : " ما تقيش ولدي" مثالا،و إعادة النظر في النصوص القانونيةبما يضمن الزجر وذلك برفع العقوبات لمرتكبي تلك الأفعال الكريهة. نعشق جميعا ، أن نرى الجمال في أعين و وجوه أبنائنا ، و ذلك بالقضاء على الرعب الذي يسكنهم،خوفا من هؤلاء الوحوش و المهووسون جنسيا المستعدون ، في كل وقت وحين ، للفتك بهم .