عبدالله الساورة على غير عادته يتجه سعيد الناصري نحو موقع اليوتوب واضعا سلسلته الجديدة ” البوي ” التي لا تتجاوز خمسة دقيقة مبتعدا عن قنوات القطب العمومي. السلسلة من تأليف سعيد الناصري ومن بطولته إلى جانب فاطمة خير/ دليلة ونعيمة إلياس / عايدة والطفلة كلارا ملاك/ زينب والطفل طه أزهاري/ مهدي. ومن إخراج مصطفى حياك وسعيد الناصري. تركز السلسلة على شخصية سعيد/ سعيد الناصري.. رجل بمواهب متعددة..وتناقضات صارخة.. لاعب كرة مشهور أصيب في قدمه وتعطلت حياته الرياضية.. تعرضت زوجته للوفاة بعد مرض مزمن وتركت له طفلة اسمها زينب. رجل عاطل عن العمل هذا هو السياق العام الذي يؤطر هذه الشخصية وهي تستحوذ على كل السلسلة تمثيلا وكتابة وإخراجا وحضورا. عنوان السلسلة بالانجليزية ” الطفل ” يعكس هوى سعيد الناصري وهو يصنع أشيائه ويرتبها كطفل عبر مجموعة من المواقف المتضاربة تضطره ظروف الحياة الصعبة وعطالته أن يشتغل عند سيدة غنية تمتلك شركة انتاج فاطمة خير/ دليلة للاشتغال لديها في منزلها كطباخ ومربي وغاسل للأواني ومهتم بالشؤون المنزلية… يشتغل سعيد الناصري على فكرة نفسية عند المغاربة وعلى ذكوريتهم وأنفتهم القاتلة هل يمكن للرجل المغربي أن يكون هو من يهتم بالشؤون المنزلية من طبخ وكنس وغسل ورعاية بينما السيدة تشتغل خارج المنزل وتعود متأخرة ومنهكة في آخر الليل؟ وكيف ينظر الرجل المغربي في زمن التحول أن يتحول إلى سيدة المنزل في مجتمع ذكوري؟؟. من يلعب هذا الدور بكل تناقضاته.. إنه “الطفل ” سعيد الناصري في تجريب أفكاره بخفته المعهودة وبحركاته الجسدية في أكثر من عمل فني رمضاني وفيلم… يعيد سعيد الناصري نفسه سواء كمخرج أو مؤلف أو ممثل نفسه في هذه السلسلة ” البوي ” ولا يخرج عن شخصيته المعتادة و يستحوذ كعادته على زمن السلسلة حضورا ليغطي على باقي الممثلين عبر مواقف متعددة.. مرة طباخ.. مرة مربي.. عاشق.. ممثل… حسب كل حلقة. بعبارة بسيطة باقي الشخصيات تتمحور حوله وتصبح شخصيات ثانوية تابعة مانحا إياها هامشا صغيرا للتحرك…ولملئ الفراغات في سيناريو مربك وغير متمسامك مع بنية الحكاية ومع تطور فكرة المنطلق ونمو الشخصيات وحبسها في مواقف تكرر ذاتها. تدور الاحداث بين شقة دليلة في المشاهد الداخلية ومكتبها في الشركة في المشاهد الخارجية وهي ترتكز عند مدخل باب المنزل.. الصالون والمطبخ ومكتب المديرة في الشركة.. وهو مجال ضيق يكرر نفسه عبر نفس الوضعيات النفسيات المرتبكة وعبر نفس الاختزالات السجالية والمناقشات الحادة والمصاحبات الصاخبة وعبر التلاسن الكلامي والحركات والمأمآت المزعجة لسعيد الناصري التي يكررها في أكثر من مشهد. تبقى باقي الشخصيات مكلمة لهوية الشخصية الرئيسية لسعيد والتي تضيع في ركام المشاحنات ودون الغوص بعيدا في فكرة السلسلة ومنطلقاتها ومن الذي يريد المؤلف/ المخرج إيصاله بالدرجة الأولى عبر شخصية سعيد الفضفاضة الذي يتحدث في كل شيء ويقوم بكل شيء وهو ذكي فوق العادة وكل الحلول بيده أما باقي الشخصيات فهي تابعة رغم أنها ذات وضع اجتماعي واقتصادي مريح و جيد ومع ذلك تصبح هي التي تأتمر بأوامره وتنصاع له في حالة من اللاوعي التي يفرضها البطل الرئيس للسلسلة. باقي الشخصيات تعتريها سطحية كبيرة تندرج في خانة الممثلين المساعدين نساء وأطفالا ورجالا. في السياق العام للسلسلة الخروج عن إنتاجات القطب العمومي والاتجاه صوب القنوات الخاصة والتركيز على موقع اليوتوب لعرض هذه السلسلة كما فعل بعض المخرجين وهي امكانية مهمة تمنح هامشا كبيرا للحرية والتخلص من رقابة التلفزة وجمهور أوسع على المستوى الدولي. حتى الحلقة 17 التي شاهدتها تتراوح مشاهدات السلسلة في قناة سعيد الناصري التي تصل إلى 765 ألف مشترك ومعدل الحلقة تتراواح بين 500 ألف ومليون ونصف مشاهدة.. وهو رقم لا بأس على اعتبار أن السلسلة جديدة ويمكن أن تتجاوز هذه الأرقام بعد رمضان. الاتجاه نحو اليوتوب فرصة جيدة تمنح المشاهدين المغاربة لاكتشافه وإعادته أكثر من مرة للوقوف عليه في أكثر من زاوية ومنظور. على مستوى المضمون تتطرق السلسلة لبعض القضايا الاجتماعية الفقر.. البطالة.. التفاوتات الطبقية الصارخة..التعجرف.. وتلمح لبعض القضايا السياسية دون الغوص فيها وتكتفي فقط بالإشارة إليها.. ويغلب على الممثلين طابع التصنع في الكلام وفي التحركات الجسدية دون قدرتهم على تقمص الشخصية المنوطة إليهم بنوع من العمق الكبير لأن البناء الدرامي للشخصيات ونموها توقف في الحلقة الأولى ولم يتم تطويره على صعيد باقي الحلقات. تستعمل الدارجة في كتابة نصوص السلسلة دون الوضع في عين الاعتبار المكانة الاجتماعية لأسرة دليلة صاحبة الشركة والثرية وذات المستوى الثقافي الجيد وبين سعيد لاعب كرة القدم المنحدر من الأوساط الشعبية التي يتكلم خمس لغات و المواهب المتعددة وهنا تكمن المفارقة في وضعه الاجتماعي البائس والعاطل والذي يبحث عن العمل. في سلسلة ” البوي ” باختصار لا تقدم أي جديد سواء على الشكل أو مضمون ويكرر سعيد الناصري ويستنسخ نفسه في ذات المواقف بلا ملل مانحا للسلسلة طابع نمطيا وقدرة للمتفرج على توقع الأحداث دون جهد أكبر وكوميديا لا تعكس مواقف اجتماعية من الراهن المغربي بقدر ما ترتهن إلى ذات الكتابة الدرامية البسيطة المنزوعة من محيطها السياسي والاجتماعي والتي تكتفي فقط بالقشور دون الغوص في أعماق القضايا….السلسلة تضع نفسها في الصخب والضجة التي تكرر نفسها في أكثر من منحى.