كشف تقرير للعصبة المغربية لحقوق الإنسان حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب لسنة 2018، عن إحصائيات تعري واقع صحي “صادم”، بحيث رصد التقرير أن 4 الاف مصاب بالسيدا مشيرا ان نسبة 65 في المائة من المصابين يجهلون إصابتهم بمرض السيدا، فيما سجل التقرير ذاته أن 48 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية وعقلية. ورصد التقرير الذي قدمته “العصبة” اليوم الجمعة بالرباط، أن المغرب لا يتوفر إلا على197 طبيب نفسي، إذ يفترض حسب المعايير الدولية توفر على3.66 طبيب مختصا لكل100 الف نسمة، في حين لا يتوفر المغرب الا على أقل من مختص أي 0.63 لكل مائة نسمة، لذلك يقول التقرير يتوجه أغلبية المرضى للأضرحة والشعوذة في ظل غياب مؤسسات صحية ومجانية للعلاج، حسب تقرير ذاته.
وسجل التقرير على صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الأممالمتحدة صنفت المغرب في المركز 123 في مؤشر التنمية البشرية لسنة 2018من أصل 189 دولة ليحتفظ بنفس المركز منذ سنة2016 قبل، أن يضيف على أن المغرب يعرف تدهورا على مستوى عيش السكان حيث بات الأمن الغذائي للمغاربة مهددا بتصنيفه في المركز 42 في مؤشر الجوع العالمي، مشيرا إلى أن منظمة”الفاو” حذرت منتعرض العديد من المغاربة بحلول سنة 2030لخطر الجوع والفقر. أما على مستوى الحقوق المدنية والسياسية، فقد سجل التقرير ذاته بخصوص عقوبة الإعدام أن الدولة لم تنفد منذ1993 بتنفيذ بأي حكم للإعدام في المقابل لازالت ترفض الانضمام الى البروتوكول الاختياري الثاني حول الغاء عقوبة الإعدام، مؤكدا أن” الحق في الحياة في المغرب لازال منتهكا بطرق مختلفة”، مؤكدة رصد وفاة حوالي12 مواطن مغربي نتيجة خروقات تمس الحق في الحياة. وبخصوص التعذيب والعقوبات المهينة، قال التقرير إن الجمعيات الحقوقية لازالت تسجل تعرض المعتقلين للتعذيب سواء اثناء الحراسة النظرية والعنف في حق المحتجين سلميا، مذكرة بان سنة 2018 عرفت صدور احكام قاسية ضد نشطاء ومحتجين المطالبين بحقوق اجتماعية، مؤكدا أن السنة المذكورة عرفت تراجعات خاصة في مجال حرية الصحافة والتعبير والمتابعات القضائية باستعمال القانون الجنائي، مسجلة تراجع المغرب درجتين اثنين في سنة 2018 بحسب التنصيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلاحدود، بحيث احتل بذلك المرتبة153بين180 دولة في حين كان في السنة الماضية2017 يحتل الرتبة133 عالميا، مشيرة على ان صحافيين لازالوا يتعرضون للقمع والسجن والاعتقال والمراقبة. على مستوى السجون المغربية أكد التقرير أن معظمها تعرف أوضاعا متردية، موضحة ارتفاع عدد السجناء خاصة الاحتياطيي التي بلغت نسبتهم في فاتح أكتوبر من سنة2018 نسبة 41في المائة في حين لم تشهد الاعتمادات المخصصة له أي ارتفاع، مشددة على أن سنة نفسها أحداث مؤلمة مرتبطة بالإضرابات عن الطعام وبوفاء سجناء وصلت 140 سجينا، حسب معطيات التقرير ذاته. وفي ما يتعلق بالقضاء، سجل تقرير “العصبة” استمرار توظيف السلطة القضائية لاستصدار “الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة”، وخاصة، يضيف التقرير، التي توبع فيها ضحايا قمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، والنشطاء الحقوقيون والمعارضون السياسيون، والمشاركون في الوقفات والمسيرات الاحتجاجية الاجتماعية. من جانب آخر، انتقدت”العصبة” في تقريرها بعض المشاريع القانونية التي أعدّتها الحكومة، وفي مقدمتها مشروع القانون التنظيمي رقم26.16 والمتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات ادماجها في مجالات التعليم والحياة العامة، وأيضا مشروع قانون04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وإحالتهما على المحكمة الدستورية للبث في مطابقتها للدستور، قبل أن يسجل بأسف شديد تخلي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن المهام المسندة إليه بمقتضى ظهير إحداثه، المتمثلة في متابعة تنفيذ السياسات والاتفاقيات التي تساعد على ادراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي. وسجّل التقرير ذاته أن القانون رقم103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، قد جاء مخيبا لآمال الحركة الحقوقية والنسائية ولا يعكس منطوق وروح الاتفاقيات والمعاهدات والمعايير الدولية ولا ينسجم مع روح دستور 2012 مؤكدا ان السلطات الوصية التي أعدت المشروع فمقاربتها ضيقة واعتمادها في كثير من النصوص على القانون الجنائي وهو ما يفسر قصر النظر لدى معدي المشروع باعتماد مقاربة زجرية عوض الوقائية والحمائية، قبل أن ينتقد قانون الخدمة العسكرية الاجبارية، بحيث قال أنه لم ينص على الحق إمكانية رفض التجنيد لأسباب ضميرية وهذا يتنافى مع مجلس حقوق الإنسان وقراري لجنة حقوق الإنسان رقم77/1998 . وفي تعليق له على هذا التقرير ، قال عبد الرزاق بوغنبور رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، إن الدولة رسمت صورة “سوداودية” عن وضعية الحقوق الإنسان في المغرب، نحن فقط رصدنا الوضع بحيث لاشيء تحقق على المستوى الواقعي. وشدد بوغنبور في تصريح ل”لكم”، على أن مجموعة من اختلالات الحقوقية التي تبدو واضحة للمغاربة من خلال واقعهم المعيشي، بحيث أن أهم الحقوق الأساسية لا تتوفر اليوم علىمستوى الحقوق المدنية والسياسية من خلال مس حق التظاهر والتنظيم وممارسة الممنهجة للتعذيب على مستوى السجون وخافر الشرطة، على حد قوله. من جانب آخر ، وجه الحقوقي نفسه انتقادات قوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان، بقوله أن هذا الأخير غير مؤهل انطلاقا من القانون التنظيمي له أن يقوم بواجبه الكامل، ودليل على ذلك أنه في اطار ائتلافات معينة راسلنا المجلس ليتحمل مسؤوليته الكاملة فلم يتفاعل في عدد من القضايا ومنهم ملف إعفاءات التعسفية للموظفين وملف الريف، قبل أن يضيف” المجلس المذكور مؤسسة موضوعة لتلميع صورة الدولة وبالتالي فهو غير مستقل عن مؤسسات الدولة”، حسب تعبيره. وهاجم بوغنبور حكومة العثماني مؤكدا أن هذه الأخيرة لم تستطع أن تتحرك في الملفات الحساسة في ظرفية لازالت الدولة مستمرة في الاقتطاع خارج النص القانوني فضلا عن علاقتها بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، بحيث كان من المفروض على الحكومة أن تتحرك من أجل محاسبة الفاسدين والمتلاعبين وناهبي المال العام، وأن القانون لايطبق إلا على المواطن البسيط للأسف”.