قال الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، في تعليقه على أعضاء “لجنة النموذج التنموي” التي عين الملك محمد السادس أعضاءها يوم الخميس 13دجنبر الجاري، “في الحقيقة الأسماء التقليدية لا أنتظر منها قابلية الابتكار في ما يتعلق بمسألة النموذج التنموي الجديد ولا أعرف أن لديها تاريخ في الكتابات والمحاضرات”. وتابع الكتاني، في توضيح لموقع “لكم”، قائلا “ثقافة النموذج التنموي ما تجيش وتنزل، لأن هذه المسألة تتعلق بأشخاص لهم ثقافة واسعة في الميدان التنموي، ولديهم تجارب خارج المغرب، ومتمكنين من مختلف التجارب التنموية التي قامت بها الدول الأسيوية والأوربية بالخصوص”، قبل أن يضيف: “لا أريد أن أحكم على أشخاص ولكن أرى أن هناك خبرات مغربية في الخارج والداخل كان من المفروض الإستعانة بها، ويمكن أن تبنى معايير الاختيار على أساس الأدبيات المعروفة، سواء التي كتبت في الميدان التنموي أو من خلال أيضا اختيار مهندسين و اقتصاديين وماليين وسيسيولوجين”. وتساءل الكتاي،”هل العناصر التي ذكرت متوفرة في أعضاء اللجنة المذكورة؟” قبل أن يوضح قائلا “إذا اردنا بناء نموذج تنموي علينا أن نأخذ بعين الاعتبار العناصر السوسيولوجية والبعد الاقتصادي والكلفة المالية”. وردا عن السؤال حول ما إذا كانت اللجنة بتمثيليتها المعلنة كافية لإنجاز تصور نموذج تنموي مستقبلي، شدد الخبير الاقتصادي، على أن “المسألة لا تتعلق بالأشخاص ولكن هناك صعوبة أساسية تتجلى في أن المشروع الذي يمكن طرحه كبديل مستقبلا؛ سيكون مناقض للاقتصاد (الريعي) والرأسمالي المهيمن الآن في المغرب”، وقال الكتاني: “هناك نموذج الذي يمكن أن يعطي الاستثمار الاجتماعي في المغرب بُعدا كبيرا، هو استثمار في القطاعات مثل الصحة والتعليم والسكن والنقل”، مؤكدا أن “الفضاء الصالح لهذا النموذج التنموي هو فضاء البادية وليس المدينة”، مضيفا: “مع علم أن القطاع الاجتماعي تستثمر فيه الدولة كثيرا ولكن مردوديته ضعفية لأنه مليء بالمصالح الشخصية والريع والمحاباة”. وفيما يتعلق بعدم اعتماد اللجنة معيار الانتماء الحزبي في عضويتها واستثناء أصحاب الحساسية الإسلامية، قال عمر الكتاني: “لا أعتبر أن الأحزاب الإسلامية يجب أن تمثل أو لا تمثل فيهذه اللجنة، لأن هذه الأحزاب هي نفسها مسؤولة عن الوضع الحالي التنموي الضعيف في المغرب”، مشددا على أن إنتاج نموذج تنوي جديد يجب أن يكون خارج التيارات الحزبية التي ابعدت عنها أطرها الجيدة منذ سنوات ، ولم تعد هذه الأحزاب قادرة على إنتاج نخبة مفكرة متمكنة وغير وصولية بالمفهوم المباشر”، قبل أن يستدرك قائلا “أنا لست مع فكرة التكنوقراط ولكن مع الخبراء لأن هؤلاء يمكن أن تستعين بهم الدولة في بلورة مشروع نموذج تنموي جيد”. وحول وجود مسؤولين سابقين وحاليين ضمن اللجنة المذكورة ومدى قدرتهم على صياغة نموذج تنموي جديد، ردّ الخبير الاقتصادي نفسه، “هؤلاء المسؤولين لو كانوا قادرين على انتاج نموذج تنموي لما احتجنا أصلا إلى تنصيب هذه اللجنة، ولكن أن تطالب من هؤلاء المسؤولين بناء تصور لنموذج آخر ، فكما لو أننا نطلب منهم الانسلاخ من جلودهم لإنتاج نموذج آخر ، وحتى في هذه الحالة سنكون أمام نموذج ترقيعي وشكلي”. وتابع ا الكتاني قائلا: “إذا أردنا بناء نموذج تنموي جديد يجب أن يكون فيه نقص للامتيازات الممنوحة للدولة و نقص أيضا للامتيازات التي تعطى للقطاع الخاص إلى جانب نقص في الامتيازات التي يأخذها الأجانب الذين يستثمرون في المغرب لأن هذه الأخيرة ليست كلها مستحقة”، مضيفا بأن هذه منظمومة أخرى ووجه آخر للمصالح، متسائلا: ” هل سيتناقض هؤلاء المسؤولين مع أنفسهم؟”، قبل أن يوضح بأن ما سوف يقع هو أن ” يُلبس هؤلاء الأعضاء النموذج الحالي لباسا آخر شكليا على أساس أنه نموذج تنموي جديد”. وحول إقصاء الأحزاب من إعدادا تصور لنموذج تنموي مستقبلي، وفي الوقت نفسه يدعى المواطنون للانتخابات والتصويت على برامج يعرفون أنها لا تطبق، اعتبر الكتناني”أن ثقافة المصالح طغت على الثقافة الوطنية و”الغيرة على البلاد”، قائلا “مع الأسف، فهذ لم تعد موجودة”، قبل أن يوضح: “بعد الاستقلال عملت الدولة على بناء اقتصاد وطني ولكن بعد استرجاعه تكونت طبقات من كبار مسؤولي الدولة ورجال الأعمال غلّبت مصالحها الفردية على مصالح الدولة، بل عندما تريد هذه الأخيرة الاستثمار تستدعي هؤلاء أنفسهم”، مستدلا “بإهمال مدينة أكادير في الوقت الذي يتم فيه منح كل عقد اللقاء والمؤتمرات الدولية لمدينة مراكش لأمر يتعلف بوجود “لوبي” له مصالح بالمدينة الحمراء يضغط من كل الجوانب لرضوخ الدولة له”، وزاد الكتاني: “مع الأسف الدولة تميل لهؤلاء على حساب المصلحة الوطنية”، مشيرا على أن “ثقافة الغيرة على البلاد غابت أيضا عن الأحزاب الوطنية والتي تعيش مرحلة الضعف، وبالتالي يتم إعادة النموذج الذي يلبي اهتمام لوبيات المدن ويهمل البوادي”. على صعيد آخر، اعتبر المتحدث نفسه، أن وجود “بروفايلات” تقنية ضمن أعضاء اللجنة المذكورة، “ليس له أي تأثير على صياغة التصور المطلوب للنموج التنموي، بما أن “الرهان المطلوب هو هل سيكون لهؤلاء الشجاعة والغيرة الوطنية بعيدا عن التحفظ الذاتي لتقديم تصور للدولة بكل صراحة وجرأة لتقييم مكامن الخلل واختلالات، وتقديم حلول ومبادرات لوضع الدولة أمام أمر الواقع بكل موضوعية”، قبل أن يستدرك قائلا “رغم التوجيهات الملكية بتقديم تقرير موضوعي يبقى هناك تحفظ ذاتي للمسؤولين حول الأمور التي ستحرج الدولة لأن ثقافة التحفظ تغلب على ثقافة الشجاعة الأدبية”.