div id="js_52w" class="_5pbx userContent _3ds9 _3576" data-testid="post_message" data-ft="{"tn":"K"}" قلتُ : خوضُ غمار الحرب على الجائحة، والخروج منها بسلام، وبأقل الأضرار أمرٌ يستوجب شرطين اثنين. الأول، دولة وطنية، قوية، ذات كاريزما، ممتدة، أفقياً، في الزمن الطويل، وضاربة جذورُها، رأسياً، في بنيات البلاد، وفي ذهنيات العباد، كما جاء ذكره في التدوينة السابقة. الشرط الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأول، يتجلى قي تماسك المجتمع باختلاف طبقاته، وفئاته، وأطيافه، ومشاربه. والتماسك يتطلب شرط التضامن بين مكونات المجتمع، أفراداً وجماعات، وأما التضامن فهو يقتضي، بدوره، شرط العدل، والإنصاف، واستيفاء الناس حقوقهم. هذه المتوالية الشرطية هي العماد الذي عليه تقوم خيمة المجتمع، وبه يسمو كعب الأمة. هي العامل الخفي في دالة الإنتاج، والقوة الناعمة الدافعة لعجلة التنمية. التنمية بالعدل، بفعل العدل، وعن طريق العدل، هي الفرضية التي لا أرى أحقَّ منها، ولا أصدق، ولا أجْدر. هي لدي فرضية علمية، لولا أن يُفنِّدون، أو أن تأتي فرضية معاكسة، داحضة لها بالحجة. شرط العدالة الاجتماعية كاد أن ينقطع من جراء سياق الليبرالية القصووية التي جاءت حاملة ل"داروينية" اجتماعية، البقاء فيها للأصلح، أي للأقوى، والأثْرى، والأوسع قدرات.سياق كان مساقُه إلى تصدُّع المجتمع، وتفكُّكه، وتشظِّيه، وإلى فَتْق العلاقة الاجتماعية بعد أن كانت رتْقاَ. تحوَّل المجتمع المغربي، تحت وابل العولمة، من بنية تحكُمها الجماعة العضوية، الملتحمة، المتعاضدة إلى مجموعة ضبابية من الذاتيات، والفردانيات، والتقوقعات، ومن الأنانيات. تحوُّل في الأنساق، وانْسياقٌ مع السوق، انْسياقَ السفينة مع الريح. لكن الريح أتت، فجأة، بما لا تشتهيه سفينة المتفرِّد، والمتوحِّد. لقد وضعت الجائحة، بشكل دراماتيكي، حداً لحكاية "الأبله العقلاني" (بتعبير أمارتيا سين)، ذلك الكائن الخارج عن الجماعة، المنسلخ عن المجتمع، الهائم على وجهه. انتهى التيه الفرداني، وعاد المتوحد إلى جماعته، ولمَّته، وذويه هارباً، خائفاً من الجائحة. لكن الجائحة كشفت، أيضاً، عن رجوعية (résilience) الجماعة، وعن رسوخ قيمة التضامن، وانغراسها في التربة المجتمعية. أشكال من التضامن، جاءت عفو الخاطر، متعددة، ومتنوعة، . فيض من السخاء والعطاء، ومن الدعم والتطوع، و ومن البذل والجود، لا ينبع سوى من الذوات الراسخة في العلاقة الأفقية، الموجودة بوُجودها، وبجودها. لسان حالها : "أنا أجود، إذاً أنا موجود". المجتمعات المتماسكة مجتمعات مطمئنة في الجماعة، ومطمئنة إلى الجماعة. مجتمعات تجد، عند الشدائد، في رساميلها غير المادية، وفي أصولها غير الملموسة ما يُسعفها على النشوء (émergence)، وعلى التكيف، ثم التجاوز. في منازلة الجائحة، شرط التضامن والتماسك يُكمِّل، ويُعزِّز شرط الدولة الحازمة بالقانون، والعازمة بالحق على صون الحقوق، والحانية بالدعم على الفئات المعوزة. وأما شرط العدل، فسوف يحين وقت الخوض فيه مع الخائضين. "حاصِرْ حصارك، لا مفرُّ"، وبالموازاة، "فكِّرْ بغيرك"(محمود درويش)، هو الأمر اليومي، هنا والآن. div class="_3x-2" data-ft="{"tn":"H"}" div data-ft="{"tn":"H"}"