في ظرف عسير واستثنائي بكل المقاييس اهتزت ساكنة حي اولاد الغازي بسيدي سليمان على وقع حريق مهول ببيت امرأة قاومت بصبر قل نظيره ضنك العيش مند عقود من الزمن بعد أن تخلى عليها الزوج وترك لها خمس اطفال صغار بدون اي مورد عيش! مي فاطمة، التي ترقد اليوم بالمستشفى، بعد أن تسبب الحريق في انهيار شبه كامل لبيتها، وفي تشريد أكثر من خمس أفراد من أسرتها، امرأة كريمة ومكافحة، ولم يسبق لها أن كانت عبئا على أي جهة كانت، رغم أنها بدون عمل، ومعيلها الوحيد مثلها في ذلك مثل المئات من ساكنة حي اولاد الغازي، هم أبناؤها الذين يمتهنون حرفا بسيطة بكل من طنجةوسيدي سليمان. اليوم، وبسبب هذا المصاب الجلل، الذي حل بمي فاطمة وبأسرتها الكريمة بحي اولاد الغازي الهش والفقير، في ظرفية استثنائية بكل المقاييس، فإن السلطات المعنية بمدينة سيدي سليمان، مدعوة مرحليا إلى إيجاد حل مستعجل لإيواء أسرتها التي أصبحت بدون بيت، في أفق التفكير في إيجاد حل جدري لمحاربة السكن غير اللائق في عدد من الأحياء السكنية بالضفة الغربية للمدينة. ما حدث يوم أمس بحي اولاد الغازي، الذي يعد من الاحياء الشعبية التي انجبت خيرة الأطر لهذا الوطن، يعود بنا الى يوم 25 ماي 2016، وهو اليوم الذي حل فيه وزير السكنى وسياسة المدينة السابق، نبيل بن عبد الله إلى مقر عمالة سيدي سليمان، للإعلان عن سيدي سليمان مدينة بدون صغيح، وذلك بحضور كل من فيدوم البرلمانيين المغاربة، عبد الواحد الراضي، وعامل الإقليم، ورئيس المجلس البلدي السابق، ورئيس المجلس الإقليمي.. حل الوزير إلى المدينة ووقع الإعلان وأعطى التصريحات الصحفية ورحل، لكن الحقيقة المؤلمة التي تعرفها كل مكونات المدينة من سلطة محلية ومجتمع مدني، ومصالح وزارة الاسكان نفسها، أن المدينة تعج بأحياء غير مهيكلة، وتضم عددا هائلا من المساكن غير اللائقة للسكن، وهو الأمر الذي أثار حينها حفيظة رئيس المجلس الإقليمي، ياسين الراضي، الذي قدم تصريحا مختصرا لموقع الكتروني محلي، تحفظ فيه بعبارات واضحة، على إعلان سيدي سليمان مدينة بدون صفيح! اللحظة ليست لحظة حساب، ولا لحظة مساءلة أو عتاب، ولا لحظة تدقيق المفاهيم حول نوعية السكن الذي قصده السيد نبيل بن عبد الله وبقية الأطراف التي وقعت معه على إعلان سيدي سليمان مدينة بدون صفيح، بل هي لحظة لاثارة انتباه كل المسؤولين في المدينة، بواقع البؤس الذي لازالت مئات الأسر بأحياء الضفة الغربية تعيش فيه، ومناشدتهم من أجل إيجاد حل عاجل لأمي فاطمة ولأسرتها الصغيرة التي تفتقد الآن لبيت يأويها من التشرد، في ظل هذا الظرف الطارئ والاستثنائي بكل المقاييس! نعرف أن ساكنة حي ولاد الغازي ساكنة أبية وفيها الكثير من الشرفاء الذين لن يترددوا ولو للحظة واحدة في الوقوف إلى جانب مي فاطمة ودعمها بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة ولكن في ظل حالة الطوارئ المعلنة يبقى دور السلطات المعنية دورا رئيسيا في إيجاد الحل الملائم لها ولأسرتها، ولا أظن أن السيد عامل الإقليم سيتردد في إجراء المتعين، بحكم الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها على مستوى العمالة أو الإقليم، وبحكم حساسية الظرفية، دون الدخول في الاعتبارات الحقوقية والدستورية التي ترتبط بالحق في السكن اللائق كحق دستوري مكفول للجميع.