نود في هدا المقال التطرق الى مستقبل دول اتحاد المغرب العربي بعد كورونا، ومحاولة فهم ما يجري في محيطنا الجيوسياسي واستخلاص الدروس والاستفادة من الوضع وفهم ما قد يحاك ضد المغرب في الخفاء. لأنه ببساطة لا يمكن لاي دولة أن تعيش بدون إيجاد طريقة متلى للتصرف مع الجيران وربح رهان التنمية والعيش المشترك، لان التحالفات وتصفير المشاكل قدر الإمكان له دور أساسي في تقدم الدول المعاصرة والحديثة ، بدءا بإيجاد إستراتيجية جديدة للتعامل مع الجارة الجزائر ومؤسستها العسكرية والأمنية الماسكة بكل شيء ،مرورا من الاستفادة من تجربة تونس الرائدة في الديمقراطية محليا ، وتنور طبقتها الوسطى الفاعلة والواعية رغم تربص دول لا تريد البتة أي انفراج ديمقراطي والأحداث الأخيرة في ليبيا،بعد انقلاب "حفتر" ومن وراءه داعميه على نتائج مؤتمر الصخيرات، فهناك من دهب الى أن قرار التنصل منه هو موجه الى المغرب وتبخيس دوره في المنطقة من طرف دولة الامارات وبعض الدول الغربية وهو ما سنوضحه لاحقا.مؤتمر الصخيرات لعب فيه المغرب مجهودات جبارة لإرساء السلام في دولة عربية قريبة من المغرب وتداعيات ما يجري فيها له انعكاسات على المغرب، خصوصا ودخول أطراف دولية متصارعة فيما بينها. نبدأ بتحليل الشأن الليبي وحساسيته حيت أن جل الدول المتدخلة في الشأن الليبي لنا علاقات معها،وبالتالي أي خطوة مغربية هي خاضعة لحسابات رياضية أو بتعبير أخر مقدارالربح والخسارة من كل موقف، وهو ما أوصينا به في هدا المنبر بالذات حول ضرورة إنشاء مراكز دراسات متخصصة،ممولة من الدولة لاستشراف أحسن السياسات وأنجعها، وما يحز في النفس أن حتى الأحزاب والنقابات والبرلمان بغرفتيه، الدي يكلف الدولة ملايين الدراهم لا رأي لأعضائه حول رهانات وتداعيات السياسة الخارجية للمغرب إلا نادرا وشحالدراسات التي تصدرها تلك الأحزاب ولجانها المتخصصة الى نادرا. فمكتب سيناتور أمريكي واحد يمكن أن يصدر توصيات تعادل ما ينشر في كل مراكز الدراسات ومكاتب الأحزاب في وطننا العزيز.وبالتالي فتح نقاش وطني تساهم فيه كل النخب ووسائل الاعلام للإحاطة بالموضوع وتنوير من بيده صناعة القرار ورسم السياسات الخارجية لمغربنا الحبيب، وتمكينهم من كل المعطيات التحليلية الضرورية لاتخاذ القرار عبر معرفة هدف كل متدخل ودرجة وحساسية العلاقة معه ومصلحة المغرب الاقتصادية والأمنية وتكافئ العلاقات بمنطق الربح والتنمية المشتركة مع الشعب الليبي الشقيق. وبالتالي يجب أن يأخذ المشهد الليبي على محمل الجد، لان المغرب ليس ببعيد عن الموضوع،والتجاذبات قد تصله لاعتبارات أولها تغير طبيعة النظام العالمي، وفيروس كورونا الدي علم البشر أن كل شيء وارد والاعتبار الثاني هو دخول المنافس الاستراتيجي للمغرب ،الشقيقة الجزائر بقوة في الموضوع عبر اتصالها بزعماء القبائل بليبيا ،وبالتالي تدخل المغرب أصبح ضرورة وخصوصا الدعم الدبلوماسي للشرعية المعترف بها أمميا المتمثلة في حكومة الوفاق وما نتج عن مؤتمر الصخيرات الدي لعب فيه المغرب دورا مهما ومجهودات جبارة ،ومحاولة نسج علاقات مع مختلف القبائل والمكونات الأخرى ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الفرقاء قدر الإمكان. نعتقد جازمين أن دول المغرب العربي هي القادرة على تقديم الحلول للشعب الليبي الشقيق، فلا مطامع حدودية ولا رغبة في استغلال ثروات الغاز والبترول، عكس الدول الأخرى التي لها مطامع اقتصادية واستراتيجية، فمصر تدخلت في ليبيا لدعم حفتر بالسلاح بتمويل تحالف السعودية والامارات أو بعبارة أصح تحالف ابن سلمان وأولاد زايد والسيسي، لان لا ديمقراطية في تلك الدول لنقول أن السياسات الراهنة لتلك الدول هي نتاج لشعوبهم ،فالإمارات والسعودية تحتاج مصر حاليا فقط لان السيسي محارب للإسلام السياسي وكابح الديمقراطية في مصر ، بمباركة الغرب الدي ساعده على الانقلاب على إرادة أول شعب عربي انتخب رئيسه انطلاقا من الصندوق. فمصر لم تساعد تحالف عاصمة الحزم في اليمن عسكريا ولكن تدخلت في ليبيا بشكل كبير طمعا في تنصيب ديكتاتور أخر لمطامع في البترول والغاز الليبي ،بالطبع تحت دريعة محاربة الإرهاب والإسلام السياسي،وهو مطمع للجيش المصري تاريخيا، الدي يعرف بأن لكل دولة جيش الا مصر فالجيش له دولة ، حيت يتحكم حتى في الاقتصاد وهو ما جعله يلعب دورا للحصول على ثروات البلد الجار ،وهو ما قامت به مصر سنة 1977 عندما شنت مصر غارات على ليبيا ،حيت بررها السادات بتكديس ليبيا الجارة لكثير من الأسلحة السوفياتية ،وهو مبرر واهي لان الهدف هو البترول والتوقف كان نتاج عدم مباركة الأمريكان لهاته الخطوة وإيمانه أن جل الأوراق تملكها أمريكا وفق تصريح مشهود له،كما تتشارك مع دول كثيرة متدخلة ميدانيا في ليبيا لمنع وصول تركيا الى الضفة الأخرى من شرق المتوسط وبالتالي محاصرة تركيا ،وفق اتحاد شكل من مصر وإسرائيل واليونان لمد أنابيب الغاز عبر شرق المتوسط. فكل الدول تجعل من التطرف ومحاربة الإسلام السياسي مبرر ودريعة للتدخل ولكن الهدف هو وئد الديمقراطيات والإبقاء على التحكم في الخيرات والمقدرات، رغم أن حكومة الوفاق هي من قاتلت وحررت مناطق من قبضة الجماعات المتطرفة وحفتر تحالفه مكون من إسلاميين سلفيين من طائفة المدخلين ومرتزقة من تشاد ودارفور وتحالف أعيان وبقايا النظام السابق. أما في تونس جوهرة الديمقراطية في العالم العربي نتيجة طبقة متوسطة واعية، والتي نعتقد أن المغرب مطالب بتكتيف التعاون معها والتكامل الاقتصادي معها ومحاولة الدفع معها بالاتحاد المغاربي كرهان أصبح ضرورة.فالانتخابات الأخيرة فيها شكلت مؤشر وصدمة لكل المحللين والدين تدخلوا بقوة وبكل الوسائل، لإنجاح حركة نداء تونس ليبرالية التوجه المكونة أساسا من بقايا النظام السابق، حيت كان خوف فرنسا ومحور الامارات من نجاح حركة النهضة الإسلامية كما وقع مع كتير من الدول العربية ،ولكن نتائج الصندوق حملت قيس سعيد ،فالصدمة لم تكن انتخابه ولكن هؤلاء الدول الغربية ودولة الامارات التي يباع لها السلاح كمباركة لما تقوم به ،لم تستوعب وتفهم سيكولوجية الشباب العربيالدي أصبح فاهما لقواعد اللعبة ولم تعد تستهويه الأيديولوجيات ، يريد فقط أن يعيش وبكرامة ،والمظاهرات التي كانت في بعض الدول العربية وخصوصا في العراق ولبنان قبل كورونا كانت فقط تدعوا للعيش الكريم وتدعوا الى ديمقراطية حقيقية . الخوف من الإسلام السياسي الدي برز مباشرة بعد تورات الربيع العربي ليس حالة عامة ولكن فقط لان تلك الأحزاب هي من كانت في الساحة ومعروف أن الأنظمة السابقة ساهمت في إفشال كل الأحزاب الوطنية والقومية والنقابات وحدت من أتر الجمعيات المدنية والأهلية،بل حورب اليسار باستعمال الإسلاميين في كتير من الدول العربية في فترة ازدهار اليسار. أما فرنسا الاعب الكلاسيكي في دول الاتحاد المغاربي، وإفريقيا فهي تعتبر نفسها وصية على دول المنطقة واقعا أو حتى في وجدان ومخيلة من هم في قصر الإليزيه. فواهم من يعتقد أن فرنسا والدول الغربية تريد حلا للمشاكل بين المغرب والجزائر، فالخلاف بين البلدين وسيلة للابتزاز السياسي وفرض الرؤية ورسم السياسات وبيع السلاح والحصول على المشاريع الكبرى، وبالتالي لا يجب على المغرب والجزائر أن يكونا بيادق بيد الغير، فالحوار هو الحل لتنمية البلدين والتكامل خصوصا الثروة البشرية الشابة للبلدين القادرة على حمل المشعل، فالدور الفرنسي الداعم لحفتر بالسلاح ،هو دعم لشخص يريد السطو على الحكم بقوة السلاح وتكريس حكم الجيوش في العالم العربي وبالتالي جعل هؤلاء الطغاة كأدوات في بيد فرنسا، حفتر كان يستمد بعض الشرعية انطلاقا من برلمان طبرق ولكن سرعان ما انقلب عليه عندما فوض نفسه حاكما لليبيا في مصادفة وتزامن مع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي لليمن، المدعوم إماراتيا في خطوة غريبة لتقسيم اليمن وليبيا بتنصيب حفتر على الشرق الليبي،وهي خطوات تقسيم خبيثة يجب على المغرب أن ينتبه منها جيدا . أما روسيا التي يقينا تتوجس من الديمقراطيات وعدوى الانتقال إليها، بعدما عمر الرئيس الروسي طويلا ومستوى حرية الرأي لديها، فتدخلها في ليبيا ارتكز على دعم حفتر، رغم أنها لا تتق فيه وتحبذابنالقذافي، وتتهم حفتر بأنه جاسوس وعميل أمريكي في المنطقة بحكم قضائه سنوات في أمريكا. دعم الروس لحفتر تجلى بمرتزقة روس للقتال والتدريب وخبراء التشويش وتغليط الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فهي لم تستسغ الى حد الان تمرير مجلس الامن التدخل وإسقاط القذافي، وفقدانها لمشاريع ضخمة من أيام العقيد، فهي تريد أن تضع قدما قي ليبيا لمحاصرة الغرب والتحكم في سوق الغاز المورد الرئيسي لها، والتحكم في وفود المهاجرين ناهيك عن صراع الغاز وتمريره في شرق المتوسط. الروس يعرفون أن حجم تحركهم دائما في حدود ما ترسمه وتقرره أمريكا، وهم ليسوا بلداء ليشتتوا جهدهم في مناطق عديدة من العالم، وما يتطلبه دالك من نفقات ضخمة تفوق حجم الاقتصاد الروسي خصوصا مع تهاوي أسعار البترول، والعناد مع تركيا القوة القادمة والصاعدة هو فقط لخدمة الامريكان، لان قوة الدول ظهرت جليا مع كرونا. أما تركيا فقلبت كل الخطط في ليبيا بدكاء عبر توقيع اتفاق أمنى مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا وفكت محاولة تطويقها بحرا ،فأصبح هناك شريط ممتد من شواطئ تركيا الى الغرب الليبي، وبالتالي التحكم في أي أنابيب لتسويق الغاز عبر البحر ، ففي سابقة أصبحت تركيا الصناعية تصدر المعدات الطبية الى كل العالم، وبالتالي التوجه الى تركيا القوة الصاعدة والكارهة للانفصال وهي نقطة تتشاركها معنا، يمكن أن يخدم المغرب عبر تكتيف التعاون الاقتصادي والعلمي معها، والمغرب أكبر من أن تفرض أي دولة طبيعة العلاقات التي ننسجها مع الدول. فالعالم بعد كورونا لا يؤمن بالأحلاف الدائمة ولكن المصلحة قبل كل شيء. باحت في تقنيات الإعلام والاتصال