تبعا للجدل الذي أثير على مواقع التواصل الاجتماعي حول تغريدة السفيرة الفرنسية بالرباط بخصوص التقرير المرحلي الذي تسلمته من طرف رئيس اللجنة الملكية للنموذج التنموي، شكيب بن موسى، يمكن القول بأن الجواب على هذا الجدل موجود في المادة 3 من اتفاقية فيينا للعمل الديبلوماسي لسنة 1961 التي تحدد أهداف العمل الدبلوماسي، وفي المادة 41 من نفس الاتفاقية، التي تمنع على أعضاء البعثات الدبلوماسية التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدين فيها. السفيرة الفرنسية كشفت الموضوع، وأحرجت شكيب بن موسى، بصفته رئيسا للجنة النموذج التنموي، وهو الجهة التي وضعت مشروع النموذج التنموي المغربي بين يديها، بغض النظر إن كان ذلك الفعل، قد تم بناء على طلب السفيرة الفرنسية، أو بشكل تلقائي من طرف بن موسى، أو بناء على تعليمات فوقية من الجهات العليا التي عينته على رأس اللجنة! السفيرة الفرنسية، لم تتدخل على الإطلاق في الشأن الداخلي للمغرب، بل إن رئيس اللجنة الملكية للنموذج التنموي، شكيب بن موسى، هو الذي أقحم دولة أجنبية في الموضوع، من خلال إشراكها في أمر يعد من صميم السيادة الداخلة للدولة المغربية. كيف لشكيب بن موسى، أن يقدم فحوى مشروع النموذج التنموي للسفارة الفرنسية، في الوقت الذي نشرت فيه وسائل الإعلام خبرا يفيد بأن الملك قبل بتمديد مدة عمل اللجنة لمدة ستة أشهر إضافية، حتى تستكمل هذه الأخيرة مهامها؟ كيف يتم تمكين سفيرة دولة أجنبية من خلاصات تقرير لجنة لم تستكمل مهامها بعد، وقبل أن ترفع تقريرها النهائي إلى رئيس الدولة للمصادقة عليه؟ هل هناك ما يسمح قانونا لرئيس هذه اللجنة بفتح مشاورات حول النموذج التنموي مع البعثات الأجنبية المعتمدة في المملكة؟ هل كان حقا الغرض من خطوة شكيب بن موسى هو فتح باب المشاورات مع الدول المعنية بالنموذج التنموي المغربي، بوصفها شريكا اقتصاديا للمغرب، أم أن الأمر مجرد زوبعة في فنجان، لإنهاء عمل هذه اللجنة، التي يبدو أن فيروس كوفيد 19 قد بعثر أهداف مشروعها الذي عينت من أجله؟ كما هو معلوم، فإن مجال المشاورات الدبلوماسية مع سفارات الدول المعتمدة في كل دول العالم، تحدده اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي لسنة 1961، كإطار مرجعي دولي، وإذا كان من حق أي دبلوماسي معتمد في أي بلد كان، إطلاع دولته التي اعتمدته على ظروف وأحوال الدولة المعتمدة لديها، ثقافيا، واجتماعيا، وسياسيا، واقتصاديا، فان العملية تتم من خلال إرسال تقارير إعلامية، أو تقارير دبلوماسية، استنادا لما يتوفر لديها من معلومات، يكون مصدرها، إما وسائل الإعلام، وإما قنوات رسمية داخل الدولة المعتمد فيها، وإما قنوات دبلوماسية معتمدة في المغرب. من باب الشيء بالشيء يذكر، فإن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة مثلا،لم يعط لصاحبه الضوء الأخضر لتسويق مضامينه دبلوماسيا، في انتظار أن يرفع إلى الملك محمد السادس، وبعد أن تتم المصادق عليه من قبله، بصفته رئيسا للدولة، وهو ما لم يحدث حتى الآن مع تقرير لجنة النموذج التنموي، الذي وٌضعت مضامينه بين يدي السفيرة الفرنسية، قبل أن يتسلمه رسميا ملك البلاد ويصادق عليه، إلا إذا كان بن موسى قد تصرف بناء على موافقة قبلية لجهة مّا داخل الدولة هي التي أفتت عليه تصرفه، وهو ما لا يمكن ترجيحه إلى حدود اللحظة، في غياب أي بلاغ رسمي من أية جهة أخرى رسمية تدعم أو تنتقد موقف بنموسى! ختاما، عندما تريد أي جهة دبلوماسية معتمدة في أي دولة كانت في العالم بأسره، الحصول على أي معطيات ترغب فيها، فهناك قنوات دبلوماسية تلجأ إليها، وهناك تقاليد متعارف عليها في العمل الدبلوماسي، تحدد الكيفية التي يتم بواسطتها تبادل المعطيات بين الدول والبعثات الدبلوماسية المعتمدة فيها. كاتب وناشط حقوقي