أطلقَت هيئات مدنية وسياسية، نداء "مغرب المستقبل" الذي يطمح ليؤسس لمشروع سياسي جديد، وتأسيس جبهة سياسية جديدة، وفعل سياسي مستوعب لتحديات القرن الواحد والعشرين. وأعلنت الهيئات من خلال ندائها أنَّ المبادرة ستكون في خدمة وحدة اليسار، لجعله منسجما مع قناعاته المرجعية والإيديولوجية، وسعيا لجعله قادرا على الفعل في صفوف الجماهير الشعبية. وتضم المبادرة المصطفى بنعلي الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية والمصطفى مريزق الرئيس حركة قادمون قادرون، وعبد القادر أزيع رئيس حركة المبادرات المواطنة، وقال النداء الذي توصل موقع "لكم" بنسخة منه إن المبادرة تسعى لاستيعاب اللحظة التاريخية وقادرة على استقراء مكنوناتها والبحث في خلفياتها وتحوَّلاتها". وجاءَ أيضًا في النداء أن الغاية من تأسيس هذا الحلف السياسي الجديد هو بناء جسر الانتقال نحو الآليات التأطيرية المستقبلية وبناء النظرية التحليلية الجديدة القادرة على تفكيك وبناء المشروع المجتمعي بثقافته واقتصاده وإنسانه ليكونَ المغرب بذلك على موعد للإعلان عن نهاية عالم القرن العشرين وبداية العالم الجديد. وأشار المصدر ذاته أيضًا أنه ورغم أن مبادرة "نداء مغرب المستقبل" لا تتوخى بناء منطلقات بديلة عن المنطلقات، التي تعمل على أساسها الأطراف الموقعة، فإنه من المفيد التذكير بعموم الاختيارات الكبرى التي تقوم عليها، والتي تجعل الديمقراطية اختيارا شموليا ذا أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، نسقية مترابطة، في خدمة التوجهات والأهداف المسطرة في النداء. ولخصَ النداء أنَّ هذا المشروع، هوَ حُلم وأملً يفتح لنا أفاق اطلاق ديناميكية جديدة للفاعل السياسي والمدني والحقوقي والنقابي، ولإطلاق ورش مجتمعي جديد، وجاء فيه "فلا خيار أمامنا، مواطنات ومواطنين، شباب، وشيوخ، أساتذة وباحثين وأدباء ومثقفين إلا أننجتهد جمعيًا، لبناء قوة هذا الوطن الذي نحبه، ونسعى لبنائه حتى يكون مغرب المستقبل مغرب الغد، مغرب الحقوق والعلم والمعرفة والقوة الاقتصادية والعلمية والعسكرية، والفضاء الإنساني المستوعب لتنوعه والحضان لجميع بناته وأبنائه، بهذا فقط نكون جديرينَ باستمرار الرباط المتصل بمن اجتهدوا وكافحوا في بناء مغرب الأمس، ونحن بهذه المبادرة ندعوكم لبناء مغرب اليوم". ضبابية في المشهد السياسي وكشفَ النداء أن المغرب تسوده حاله من الضبابية في المشهد السياسي تتجلى في أزمة أطروحة التوازن السياسي، ووصول مؤشرات هذه الأزمة لدرجة المس بالخطوط الحمر، أيَّ الإجماع، وعدم وجود خيارات يعول عليها لتجديد هذه الأطروحة، فالسلطة منذ أكثر من نصف قرن، كانت تبني أطروحة التوازن من خلال أحزاب إدارية موالية، وقوى إصلاحية ديمقراطية، فضلا عن توظيف بعض المؤسسات الدستورية، ولو ظهر خروجها عن الأطر التي تطبع حيادها، والضبابية في المغرب، تعني غياب الخيارات أو تقلصها بشكل كبير، وتعني في الحد الأقصى خروج المشهد السياسي عن الضبط، بسبب تواتر الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية، وتحديات مواجهة آثار الجفاف وندرة المياه وما يمكن أن ينتج كمضاعفات للوباء العالمي كورونا من أزمة اقتصادية عالمية. أزمة اليسار وعن لملمة وحدة اليسار قال النداء إنه إذا كان انحسار الوضع السياسي الوطني، وتفاقم أزمته غير المعلنة، تتحمل فيه الدولة مسؤولية واضحة، من خلال إحياء ممارسات سابقة عن دستور 2011، فإنه ينبغي الاعتراف بأن الأحزاب السياسية، وخصوصا أحزاب اليسار، تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية كذلك، سواء فيما يرتبط بمسؤوليتها عن حالة التشتت، التي تعاني منها أحزابها، والتي يستفيد منها التيار الذي وصفه النداء ب"التبخيسي"، أو فيما يرتبط كذلك بالعجز عن الربط والتوفيق بين مواقعها السياسية المتغيرة، والدفع بمعركة الديمقراطية، ناهيك عن تحلل جزء من نخبها من التعاقد المبدئي، الذي يربطها بالدفاع عن الفئات المظلومة، و ارتماءها بشكل انتهازي في أحضان مجاراة وتبرير السياسات القائمة، ما أثر على مصداقية العمل النضالي الرهين بالاستقامة والاستقلالية والتشبث بالقيم والاختيارات المبدئية.