التطورات التي عرفها الملف الليبي بعد التدخل التركي و مؤتمر برلين جعل من الضروري اعادة النظر في خريطة الطريق الضامنة لعودة السلم و تحقيق الانسجام بين الاطراف المتصارعة. و ليس هناك من خيار بعد نهاية الحالة الراهنة الا مراجعة نواقص مؤتمر الصخيرات و برلين من اجل الوصول الى اتفاق شامل و نهائي. نواقص مؤتمر برلين و الصخيرات من الضروري معرفة ان مؤتمر برلين لم ينجح لانه لم يسع الى الحل الشامل و انما فقط لضبط حدود الاطراف المتحاربة من خلال وقف اطلاق النار و تدفق الاسلحة. لكن هاته الاطراف كانت ترى ان مازال عندها اغراضا لم تتحقق بعد اما مؤتمر الصخيرات فقد هدف الى اعطاء شرعية للفرقاء ووضع الحلول الاجمالية لصلح شامل و مستدام. و هو لم يحقق كل اهدافه لانه تجاهل الخطوط الحمراء التي رفعها حفتر و داعميه. و لما بدا ما كانت معارضة مؤتمر الصخيرات تخفيه من ضرورة القضاء على ما تراه "اصلا اخوانيا" في حكومة السراج وقعت المعركة. الان و بعد هزيمة حفتر صار من الممكن انزال سقف الخطوط الحمراء عند داعميه لانها اقتنعت انها لن تستطيع القضاء على الوفاق وبالتالي فهناك ميل الى التخلص من المليشيات المسلحة بالطريقة اللينة و هي ادماجها في الجيش الليبي. صخيرات 2 و ضرورة الحسم وزير خارجية المغرب بوريطة كان واعيا ان اتفاق الصخيرات لم يعد كافيا لحل الازمة الليببة اذ اعلن في القمة العربية الاخيرة ان بعض بنوده صارت متجاوزة. من الضروري ان تعقد قمة مصغرة في المغرب تهيئ لمؤتمرصخيرات 2 .هاته القمة المصغرة تجمع فرنسا و تركيا بشكل خاص لانهما الطرفين الدوليين الاساسين للنزاع ففرنسا تدافع عن نفوذها الافريقي الذي تعتبر ليبيا جواره الاساسي كمالي و تشاد. تركيا دولة طموحة ترى ان العالم قد تغير و ان الملعب كاف لدول اخرى غير الدول التي ظلت تتحكم في العالم بعد الحرب العالمية الثانية. سيكون جيدا لو كان الاجتماع بحضور روسيا و امريكا كذلك. فالنزاع بين فرنساوتركيا بشكل مباشر و بين روسيا و امريكا بشكل غير مباشر. وبالرغم من ان الدول العربية مؤثرة في الملف الليبي الا ان تركيا و فرنسا و امريكا و روسيا هي الدول التي بامكانها ممارسة الضغط الكافي لجعل مختلف الاطراف تصل الى اتفاق. الدول العربية صارت تائهة بين خيار المعركة الكبرى المدمرة وخيار الاستسلام للهيمنة التركية في ليبيا واحقية "الملشيات الاخوانية" في الوجود الرسمي لها. لهذا لا بد من مسار شرعي جديد ياخذ بعين الاعتبار مخاوف كل الاطراف. المغرب هو الذي خرج منه الاتفاق الذي اعطى الشرعية للاطراف المتصارعة حاليا و لان المغرب يمتلك علاقات جيدة مع فرنسا و تركيا و لان تركيا طرفا محاربا و فرنسا تعتبر نفسها مستأمنة على الامن الاوربي في افريقيا فلا بد من جمعهما تمهيدا لاي مسار جديد. بعد القمة المصغرة و مخرجاته ستبقى مكملات الاتفاق التي ستناقش في مؤتمر صخيرات اثنان ليحضى بالشرعية الدولية.