قال عبد الرحيم العلام أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن حركة 20 فبراير كانت عاملا مسرعا ومساعدا على التغيير في المغرب. وأشار في تصريح ل "لكم" بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاق شرارة احتجاجات حركة 20 فبراير، أن الحركة جسدت حالة عنفوان، وجعلت الشعب المغربي يتنفس السياسية وصالحته معها أيضا، بدليل ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات التي تلتها، حيث شارك فيها أكثر من مليون مغربي، وهو رقم لم نصله في أي انتخابات سابقة. ولفت إلى أنه على المستوى السياسي، أصبحنا أمام حكومات مستقرة تكمل ولايتها، ورئيسها يبقى في منصبه ولا يخشى الإقالة من قبل رئيس الدولة لأنه محمي بالدستور. وشدد العلام على أن هناك إيجابيات عديدة ظهرت بعد حركة 20 فبراير بما فيها الانتكاسات الحقوقية التي كانت متوقعة جدا، فتاريخ الثورات والحركات الاجتماعية لا يقول إن المطالب تتحقق بسرعة وفي ظرف سنوات معدودة، فالثورة الفرنسية أخذت مائة سنة حتى تحققت أهدافها، عاد فيها الاستبداد مع نابليون، وعاد التحالف مع الكنيسة، واقتتل الثوار فيما بينهم. وأضاف " الحالمون فقط والذين لا يقرؤون التاريخ من بإمكانهم وصم الحركة بالفشل، لأن إسقاط الفساد والاستبداد وهو مطلب عريض حملته الحركة، لا يمكن أن يتحقق في ظرف عشر سنوات". وتابع "الحركة أفرزت لنا وثيقة دستورية جيدة، هناك من يروج أنها بقيت حبرا على ورق، وهذا غير صحيح ونسبي، فكم من مرة سمعنا دعوات لإسقاط الحكومة وتشكيل أخرى من التكنوقراط، وهذا لم يحصل لأن الدستور حصن مؤسسة الحكومة". وزاد " في الأصل حركة 20 فبراير لم توافق على تأسيس لجنة لوضع الدستور، بل طالبت منذ البداية بهيئة تأسيسية، ولم توافق على مضمونه ولم تدعو للتصويت عليه بل قاطعته". وأكمل بالقول " الحركة لم تخلق أي وهم فيما يتعلق بالدستور، والذي خلق الأوهام حقيقة هي الأحزاب السياسية وبعض الشخصيات التي روجت أننا أمام دستور جديد، والصواب أننا كنا أمام دستور معدل لأنه يعكس التغيير في ظل الاستمرارية، فلم نغير الدستور بل فقط عدلناه ولعبنا لعبة الإخفاء والظهور، لأن الدستور نص على حقوق أعطيت باليد اليمنى وجرى أخذها أو استرجاعها باليد اليسرى، لكنه يبقى أحسن دستور مقارنة بسابقيه". وأكد العلام أنه بعيدا على المقتضيات الدستورية، حركة 20 فبراير كسرت حاجز الخوف، فالناس تشجعت على الاحتجاج وفي السنوات الأخيرة رأينا المئات من الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية. وأضاف " قبل حركة 20 فبراير كان هناك كلام يروج أنه لا يمكن الضغط على الملكية من أجل تنفيذ الإصلاحات، وهذا الخطاب تبتث عدم صوابيته، لأن الحركة بالفعل أحدثت ضغطا وكانت هناك استجابة من المؤسسة الملكية". وشدد العلام على أن التراجعات الحقوقية بعد حركة 20 فبراير متوقعة، لأن أي حراك يحرك الأوضاع الآسنة، ومباشرة بعد أن يخمد ويتراجع الضغط قد تعود الأمور إلى سابق عهدها أو أسوأ، فهذا جزء من سيرورة الثورات والحركات الاحتجاجية. واعتبر أنه مهما يكن، كان تجاوب الدولة مع مطالب حركة 20 فبراير، بما فيه خطاب 9 مارس، فوق سقف الأحزاب السياسية، التي لم تكن تجرأ حتى على المطالبة بتغييرات بسيطة. واستدرك العلام بالتأكيد أن الأفق الإصلاحي الذي نفخت فيه حركة 20 فبراير الروح، تعرض لعملية غربلة واسعة، فبعض القوانين التنظيمية أفرغت الدستور من مضمونه، وحتى الممارسة السياسية أفرغت الإصلاحات من جوهرها، لأن المغرب ابتلي بنخبة سياسية لم تستطيع توظيف الزخم والنفس الإصلاحي الذي جاءت به الحركة، ولا حتى تحصينه والدفاع عنه، فكلما ابتعدنا عن لحظة 20 فبراير، نجد أن النخبة السياسية تنازلت عن صلاحياتها ولم تقاوم للدفاع عنها. وأكد ذات المتحدث أنه يرفض فكرة أن الأحزاب وهيئات الوساطة تم إضعافها، مشيرا أن هذا تهرب من المسؤولية، وأن السؤال الذي ينبغي أنم يطرح هو لماذا تحمل هذه الهيئات في داخلها القابلية للإضعاف؟، لأنه من غير المفروض من أي سلطة سياسية كيف ما كانت طبيعتها أن تقوي معارضيها، فهي دائما تحاول إضعاف خصومها وهذا أمر طبيعي. واسترسل بالقول "الغير طبيعي هو أن لا تقاوم الهيئات الحزبية عملية الإضعاف، وأن تتحول لمجرد هياكل صورية بدون أي أفق أو مشروع مجتمعي يتغلغل داخل المجتمع". وأضاف " التباكي الحزبي وإلقاء اللائمة على الآخرين أمر غير مستساغ، ولو تحملت الأحزاب التي تمول من جيوب دافعي الضرائب مسؤوليتها، لساهمت في المشاركة وتأطير العديد من الحركات التي شهدها المغرب بعد حركة 20 فبراير، في حين أن الذي حصل أنها أعطت الغطاء للإجهاز على هذه الحركات وعلى رأسها حراك الريف، بعد بلاغ الانفصال الشهير، ورأينا أن كافة معتقلي هذه الحركات ليس لهم أي انتماء حزبي، وكلهم مواطنون عاديون". وخلص العلام إلى التأكيد على أن عشر سنوات من تاريخ الدول لا تعني أي شيء، وأن المغرب ليس عصيا على التغيير، فحتى السلبيات والبقع السوداء التي ظهرت بعد حركة 20 فبراير تجسد التغيير الذي عرفه البلد، فالشباب الذين خرجوا للاحتجاج صحيح اعتقلوا ووزعت عليهم عشرات السنوات من السجن، لكن على الأقل الجميع تابع محاكمتهم وانتقدها وعرف التهم الموجهة إليهم، بعكس ما كان عليه الوضع في السابق، عندما كانت تتم الاعتقالات والاختطافات والتعذيب والتصفيات الجسدية ولا أحد يدري بها. وأنهى كلامه بالقول " على قدر احتجاجاتنا تكون الاستجابة، فعلينا أن لا ننسى أن حتى مطالب الحركات الاجتماعية التي ظهرت سواء في الريف أو جرادة أو وزاكورة كانت محتشمة وذات بعد جهوي محلي، أو فئوية كاحتجاجات الأطباء وأساتذة التعاقد".