أعلنت فعاليات جمعوية وبيئية عن إقدامها على خطوة قانونية، تتعلق بوضع شكاية استعجالية بالقضاء الإداري، في محاولة لدفع سلطات طنجة للتراجع عن طمر السراديب التي تم اكتشافها بالصدفة يوم السبت 14 فبراير 2021، في إطار أشغال إعادة التهيئة التي تخضع لها المدينة العتيقة، وفي إطار أيضا تجديد شبكة الصرف الصحي وشبكة الماء الصالح للشرب. وفي الوقت الذي تعالت فيه أصوات ثقافية وبيئية بعاصمة البوغاز، تطالب بالتعامل مع الملف باحترافية، من خلال الحفاظ على السراديب المكتشفة والتعريف بها، فاجأت السلطات المحلية الجميع بإقدامها يوم الأحد الماضي 21 فبراير الجاري، على طمر السراديب التي رجح مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، أن تكون عائدة لفترة الاحتلال البرتغالي للمدينة، وبداية الاحتلال الإنجليزي. استياء وفي هذا الصدد، كشف الفاعل الجمعوي زكرياء أبو النجاة، أن جمعية "المواطنة المسؤولة" و "حركة الشباب الأخضر"، أقدمتا على خطوة قانونية ذات صيغة احتجاجية، تتمثل في وضع شكاية استعجالية بالقضاء الإداري لوقف الأشغال، متمنيا أن تأتي أكلها. واعتبر أبو النجاة في تصريح لموقع "لكم"، أن عملية طمر السراديب مخالفة صريحة لمجموعة من القوانين منها قانون 49 – 17 المتعلق بالتقييم البيئي، الذي يؤكد على أنه يجب أن تكون هناك دراسة مسبقة تحدد الأماكن المتواجدة، وتحدد الضرر البيئي وما إلى ذلك، مشيرا إلى أن هناك أيضا القانون رقم 80 – 22 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية، خاصة الفصل 13 منه، كما أن الفصل 46 يتحدث بصريح العبارة على أنه يجب توقيف الأشغال فورا، في حالة اكتشاف مبنى أو تحف أو ما إلى ذلك، وتشكل لجنة مختصة لتقف على الأمر. وفي ذات السياق، أشار المتحدث إلى أن حركة الشباب الأخضر سبق وأن قامت بمراسلة مجموعة من الجهات منذ اكتشاف السرداب الأول بساحة اسبانيا شهر أبريل من سنة 2020، منها ولاية الجهة ومندوبية الثقافة، حيث طالبت بتوقف الأشغال لفتح المجال لاكتشاف هذه الأماكن، غير أن السلطات نهجت نهج آخر، سواء بما يتعلق بباب المرسى وبمنارة البلايا، ومجموعة من المآثر التاريخية التي يتم إعدامها و طمسها وبالتالي طمس هوية مدينة طنجة . وأبرز عضو المكتب المركزي لحركة الشباب الأخضر، أن الحركة سبق وأن نبهت إلى أن الأمر لا يتعلق بمجاري للصرف الصحي كما تحاول السلطات أن تقول، وإنما يتعلق الأمر بسرداب متشابك يصل إلى المدينة القديمة، ويمكن أن تكون هناك اكتشافات أخرى لكن السلطات أصرت على الطمر، مضيفا أن الفرصة اليوم مواتية مع هذا الاكتشاف، لتثمين هذا المكان ويصبح مزارا للسياح وبالتالي استثماره ثقافيا وسياحيا، لكن للأسف السلطة لا تعرف سوى الطمر والدفن، وفق زكرياء أبو النجاة. طمر السراديب لدواعي أمنية وبخصوص أسباب طمر السراديب المكتشفة، أوضح العربي المصباحي المحافظ الجهوي للتراث الثقافي بالمديرية الجهوية لوزارة الثقافة، في تصريح لموقع "لكم"، أن الطمر هو مؤقت، وكان لدواعي أمنية. وأضاف المسؤول، أن اللجنة التي شكلت لمعاينة هذا السرداب أوصت بالمحافظة عليه وتنقيته من كافة الأتربة والأحجار التي سقطت داخل السرداب، كما أوصت كذلك بإقامة بوابة ستكون على الأقل بشكل مؤقت في المكان الذي تم حفره في الفترة الأخيرة، من أجل استعماله كبوابة للدخول على أساس القيام بتحريات من أجل الكشف عن الامتدادات المحتملة لهذا السرداب داخل المدينة العتيقة. وأكد المصباحي، على أن السراديب حفظ عليها وسيتم إقامة بوابة لهذا الغرض، متمنيا انخراط كافة المتدخلين من أجل إقامة مشروع، وإعادة استكشاف مختلف مكونات السرداب ودراسته من الناحية الأثرية والمعمارية والتقنية، ودراسة سبل إعادة الاعتبار إليه، وتثمينه وإدماجه في المجال السياحي للمدينة إذا كان ممكنا. أما في ما يتعلق بالمعطيات المتاحة، قال المحافظ الجهوي لموقع "لكم"، أنه تم الدخول لمعاينة السراديب المكتشفة والتي تمتد على طول 52 متر وهو الجزء المكتشف منها في اتجاه سور القصبة من ناحية باب بنعمر، مشيرا إلى أنه محفور في الصخر وهو ما يعطيه أهمية كمعلمة تم تدشينها في فترة من الفترات التي لا زلنا لحد الآن نجهلها لحد الآن. وأضاف المتحدث، أن السراديب كما يستشف من المعطيات المتناثرة هنا وهناك، يبدو أنها جزء من شبكة من السراديب التي تتواجد تحت حي القصبة كجزء من المدينة العتيقة، مبرزا أن المعطيات المتوفرة حاليا لا تسمح لنا لا بتحديد الفترة التاريخية التي أقيمت فيها هذه الشبكة من السراديب ولا الامتداد المكاني لها.