كشف وزير الصناعة والتجارة رياض مزور أمام نواب الأمة، الاثنين 8 دجنبر، أن الحكومة باشرت خطة واسعة لتعميم وتأهيل المناطق الصناعية، مشدداً على أن كل إقليم سيستفيد من منطقة صناعية جاهزة لاحتضان الاستثمار، ومشيراً إلى تقدم ملموس في برامج التكوين الهندسي، والصناعات الغذائية، ودعم تجارة القرب. وشدد الوزير على أن الحكومة اتخذت منذ بداية الولاية التزاماً واضحاً، رغم أنه لم يكن مدرجاً في البرنامج الحكومي، يقضي بأن "يكون في كل إقليم منطقة صناعية"، مؤكداً أن العمل جارٍ أيضاً على ضمان ألا يقتصر الأمر على مناطق صناعية جديدة فقط، بل أن "يكون في كل إقليم منطقة صناعية مؤهلة، قابلة لجلب الاستثمار، وبالشروط الكافية لاستقبال المشاريع".
وأبرز مزور أن الحصيلة الحالية تفوق 14.500 هكتار من المناطق الصناعية المجهزة، إلى جانب 2.500 هكتار قيد التنزيل الآن، و1.200 هكتار مبرمجة، مضيفاً: "ولا كانت عندكم اقتراحات وكانت عندكم أراضٍ، نحن رهن الإشارة". وبخصوص مطالب بعض الأقاليم بالحصول على مناطق صناعية إضافية، أوضح الوزير أن عدداً من العمالات ما زال لم يصل بعد إلى الحد الأدنى من المساحات، مضيفاً: "إذا كان هناك إقليم ليس له الحق بأن يطالب بمنطقة صناعية إضافية، فهو إقليمطنجة، لكن يوجد عدد من الأقاليم مازالت لم تصل حتى لعشرات الهكتارات، وطنجة لديها ستة آلاف هكتار". وأكد أن توسيع العرض الصناعي يتم وفق حاجيات الاستثمار ومعدلات الإقبال في كل منطقة، معتبراً أن التأهيل والتوسعة يخضعان لمعايير دقيقة، أهمها نسبة التسويق ونسبة التثمين قبل المرور إلى الأشطر الموالية. واستعرض مزور نموذج منطقة بني خيران، موضحاً أن الشطر الأول جاهز، وأن الأشطر تتم بالتدرج بعد تجاوز 70 بالمائة من التسويق و30 بالمائة من التثمين، قبل المرور إلى المرحلة التالية، مشيراً إلى أن هذا النهج يهم مختلف المناطق الصناعية عبر البلاد، نظراً إلى أن "بعض المناطق لديها إقبال مرتفع، بينما مناطق أخرى تحتاج إلى تعزيز تجهيزاتها وقدرتها على الاستقطاب". وفي سياق مناقشة سياسة تطوير المناطق الصناعية، أكد مزور أن الحكومة تعتمد تمييزاً إيجابياً لدعم الأقاليم الأقل جاذبية، موضحاً أن الاستثمارات الموجهة لتقليص كلفة العقار الصناعي في هذه المجالات تجعل العرض متاحاً "بأثمنة رمزية". لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "تعبئة الأراضي إشكال كبير ويختلف من منطقة لأخرى"، مؤكداً أن التنسيق مستمر مع السلطات الترابية لضمان توفير العقار اللازم. واعتبر الوزير أن نجاح سياسة تأهيل المناطق الصناعية يقتضي مقاربة شمولية و"إرادة جماعية"، قائلاً: "نحتاج أن نعمل جميعاً، يداً في يد، لنفرض الشروط ولنحضر المستثمرين، وفق الاستراتيجية الترابية التي جاء بها صاحب الجلالة في خطاب العرش الأخير". وفيما يتعلق بملاءمة التكوين الهندسي مع حاجيات الصناعة الوطنية، كشف مزور أن المغرب يتوفر اليوم على قدرة لتكوين نحو 20 ألف مهندس سنوياً، إضافة إلى 30 ألف خريج من الماستر التقني، موضحاً أن القدرة الإجمالية لإدماج هذه الكفاءات "تفوق 80 بالمائة". وأضاف أن التوجه الحالي للحكومة يقوم على تعزيز الارتباط بين المؤسسات الصناعية والطلبة، عبر توقيع اتفاقيات تتيح ل"100 ألف طالب أن يكون لكل واحد منهم ارتباط بشركة توفر له التدريب خلال فترة دراسته"، وهو ما يضمن، حسب قوله، خروج الكفاءات بسلاسة نحو الاندماج الفعلي في سوق الشغل. وأعلن أيضاً أن وزارته بدأت الاشتغال على تعزيز مهارات المهندسين في الذكاء الاصطناعي، قائلاً: "اليوم نشتغل عليه لكي نقوي المهارات للمهندسين لنا بالذكاء الاصطناعي، ليكون عندهم كل واحد على الأقل وحدتين أو ثلاث"، مشيراً إلى أن النتائج المرتقبة ستظهر خلال سنة أو سنتين. كما شدد مزور على أن المغرب أصبح "الرقم واحد في الرسوم الهندسية عالمياً"، معتبراً ذلك مؤشراً على تنافسية الكفاءات الوطنية. وفي مجال الصناعات الغذائية، التي تُعد ثاني أكبر مشغل في القطاع الصناعي بأزيد من 200 ألف فرصة عمل، أكد الوزير أن العمل يتم "يداً في يد مع وزارة الفلاحة، وبالأخص مع كتابة الدولة في الصيد البحري"، بالنظر إلى هيمنة صناعات تثمين الأسماك والسردين على هذا القطاع. وكشف أن التحدي الأكبر يتعلق بضعف الإدماج المحلي، حيث تعتمد هذه الصناعات على مواد مستوردة مثل زيوت الاستعمال الصناعي والحديد المستعمل في العلب، مبرزاً أن الحكومة تشتغل على رفع نسبة الإدماج التي "لا يجب أن تبقى تحت 30 بالمائة ويجب أن تدفع إلى 50 بالمائة". أما بخصوص دعم تجارة القرب والتجار الصغار، أوضح مزور أن هذه الفئة تُعد إحدى ركائز التماسك الاجتماعي، قائلاً: "تاجر القرب، البقال ركيزة أساسية للتضامن الاجتماعي". وأكد أن الوزارة تعتمد 1500 توصية وضعت منذ 2019، وقد تم تنفيذ 80 بالمائة منها على أرض الواقع، مضيفاً أن وزارة الصناعة ستنظم "مناظرة وطنية بداية السنة المقبلة لإعداد برنامج جديد في أفق 2030″، يتم فيه إعداد "دفتر طلبات خاص بالتجار" يحدد حقوقهم وآليات دعمهم، بهدف الارتقاء بهذه الفئة إلى مستوى أهداف "مغرب 2030". كما شدد وزير الصناعة والتجارة على أن التحديات المرتبطة بالعقار الصناعي، والتكوين، والإدماج الصناعي، وتثمين الفلاحة والصيد، ودعم التجارة المحلية، جميعها تستلزم تنسيقاً واسعاً بين مختلف القطاعات، مشيراً إلى أن وزارته تواصل تنفيذ البرنامج الحكومي وتوسيع مجالات التأهيل الصناعي، وفق رؤية ترابية واستراتيجية شاملة تضع الاستثمار والتشغيل في قلب أولوياتها.