16 غشت, 2018 - 09:33:00 شأنه في ذلك شأن كل الجموع العامة التي عقدتها حركة "التوحيد والإصلاح" منذ سنة 1996 تاريخ الوحدة الرسمية التي جمعتهابمجموعة من التنظيمات الإسلامية المغربية، اختتم الجمع العام الوطني السادس الذي انعقد تحت شعار "الإصلاح أصالة وتجديد"، أيام 3 و 4 و 5 غشت الجاري بمدينة الرباط ،أشغاله في جو خال من أي مشاكل تنظيمية أو فكرية، في تناغم تام مع الخط الذي رسمته لنفسها لأول مرة. ويمكن لأي متتبع أن يسجل على هامش ما تعتبره التوحيد والإصلاح عرسا تنظيميا، ينظم كل أربع سنوات، العديد من الملاحظات السريعة، سنكتفي بإيراد أهمها. أول ملاحظة هي أن حركة "التوحيد والإصلاح" هي الحركة الإسلامية الوحيدة في المغرب التي تتوفر على الوصل القانوني والنهائي، وبالتالي تتاح لها فرصة الاستفادة من العديد من الامتيازات، منها القاعات العمومية، والفضاءات العامة، سواء تلك التابعة لمؤسسات الدولة أو الخاصة، في الوقت الذي تعاني باقي التنظيمات الإسلامية المعتبرة (جماعة العدل والإحسان، الحركة من أجل الأمة، البديل الحضاري) من التضييق والمنع المستمر وهو على مستويات، خاصة في ما يتعلق بحرمانها حتى الآن من التواجد القانوني رغم محاولات وحرص بعضها على الحصول على الوثيقة القانونية، إلا أن كل محاولاتها تواجه بالمنع والحرمان. وبمجرد وصوله إلى رئاسة الحكومة عمل عبد الإله ابن كيران على تسوية الوضعية القانونية النهائية لحركة "التوحيد والإصلاح"، التي يعتبر أحد أبرز رموزها، بعدما كانت حاصلة فقط على الوصل المؤقت، مقابل ذلك وفي ظل حكومة الإسلاميين، فشلت "الحركة من أجل الأمة" على سبيل المثال في ذلك رغم الإصرار الذي أبدته قيادتها، في سياق عقدها لمؤتمرها الوطني الثاني الذي انعقد يومي 7 و 8 أبريل 2012 بالرباط، تحت شعار "حركة شاهدة من أجل أمة ناهضة"، كما أن دراعها الدعوي (حزب الأمة) لا زال لحد الآن ملفه في رفوف المرحلة الثالثة من التقاضي رغم الطابع الاستعجالي لقضيته، بعد أن ربح الملف في مرحلته الابتدائية، قبل أن يتراجع عن ذلك القضاء الإداري في المرحلة الثانية، أما حزب البديل الحضاري فمحنته لا تقل عن محنة حزب الأمة، فبعد أن حصل على الوصل القانوني سنة 2005 في سابقة، وشارك في الانتخابات التشريعية التي جرت شهر شتنبر 2007، تراجعت السلطات عن كل ما يعتبره الحزب مكتسبات تحققت، وعملت على حل حزب البديل الحضاري يوم 20 فبراير 2008 بمرسوم من الوزير الأول السابق عباس الفاسي، بعد أن زجت بقيادته إلى جانب قيادات من الحركة من أجل الأمة في ملف زعمت السلطات أنه إرهابي . ثاني ملاحظات يسجلها المتتبع،هي حرمان الحركات الإسلامية المغربية للجمع الثاني على التوالي من الكلمة التي كانت تتاح لها خلال الجلسة الافتتاحية للتعبير عن رأيها بشأن ما يجري من مستجدات على الساحة الدعوية الوطنية، وهو القرار الذي يمكن اعتباره جاء بعد الانتقادات التي توجهها عادة كلمات باقي الحركات الإسلامية، خاصة العدل والإحسان والحركة من أجل الأمة، للنهج وللمسار الذي أخذته الحركة، وهو ما اعتبرته مصادر خاصة أنه غير مقبول، فلا يعقل أن أتيح لك الفرصة للتعبير عن رأيك وبحضور فعاليات ومكونات من مختلف الطيف المجتمعي المغربي، وأمام أتباعي ومتعاطفي تقصفني بكل تلك القساوة، كما جرى خلال الجلسة الافتتاحية للجمعين العامينالثاني والثالث.. ثالث ملاحظة وهي في الحقيقة مفاجأة عبرت عنها بوضوح السيدة عزيزة البقالي عن القطاع النسائي للحركة، في كلمتها المرتجلة بالجلسة الافتتاحية، عندما أكدت على أن نساء الحركة يطمحن إلى أكثر من الوصول إلى المكتب التنفيذي، وأكثر من التواجد بمجلس الشورى، وأكثر من ما وصلت إليه قيادات نسائية من تأثير قوي على مستوى مؤسسات الحركة التقريرية والتنفيذية، وهي تتباها بالعدد الكبير وبالتوسع الغير مسبوق الذي حققه القطاع النسائي،هذا التصريح يعد في تقدير العديد من المتتبعين بمثابة مطالبة صريحة بتولي رئاسة الحركة من طرف إحدى القياديات اللواتي فعلا حققن وأنجزن أمورا مهمة، لكن السؤال : هل الأرضية الفكرية والشرعية مناسبة داخل الحركة للمطالبة بمطلب من هذا حجم؟، ولكن على الأقل فهذا المطلب على الأقل سيحلحل الأساس الفكري والشرعي داخل الحركة في انتظار الجمع العام السابع. رابع ملاحظات، تشير إلى خلو تشكيلة المكتب التنفيذي المنبثق من الجمع العام، من أي اسم يوجد في مؤسسات حزب العدالة والتنمية الشريك الاستراتيجي للحركة، وإن كان البعض يرى إمكانية الحاق أسماء بالمكتب التنفيذي حسب ما يعطيه القانون لرئيس الحركة، توجد في قيادة الحزب، خاصة بعد تم رفض ورقة قدمها مصطفى الخلفي تقترح الفصل النهائي بين الحزب والحركة على كل المستويات، وهو ما يطرح أكثر من علامة تعجب حول موقف الخلفي هذا، الذي طالما كان يرفض من داخل المكتب التنفيذي الدعوات الداعية إلى الفصل الكلي بين الحركة الدعوية والحزب السياسي، وكان يعتبر ذلك بمثابة ضغط له سياقات معينة، خاصة فترة ما بعد أحداث 16 ماي الدموية التي عرفتها الدارالبيضاء سنة 2003. خامس ملاحظة تتجلى فيالصعوبة التي وجدتها الحركة في الفصل النهائيعن شريكها الاستراتيجي حزب العدالة والتنمية،كما سبق وأن أعلن عن ذلك العديد من قيادات الحركة، فأقصى ما استطاعت الحركة تحقيقة في الوقت الراهن، هو التمايز بين مؤسسات التنظيمين رغم أن قيادات الحركة تتحدث على أن الأمر يتعلق بمسار طويل يحتاج إلى وقت لتنزيله، لكن يبدو أن متطلبات الواقع معقدة يصعب معها الفصل النهائي، فحتى وإن وقع فصل ففي النهاية الأمر يتعلق بمشروع واحد بأدرع متعددة، منها أساسا أن كل القيادات المؤثرة في حزب العدالة والتنمية تأتي وتنطلق مشروعيتها من كونها تربت وترعرعت ونشأت داخل المجالس التربوية للتنظيم الدعوي. سادس ملاحظة، تتمثل في الانتقادات الشديدة التي وجهتها الحركة لكل من السعودية وإيران دون تسميتهما، سواء في كلمة الرئيس في الجلسة الافتتاحية أو في مضامين البيان الختامي، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول عدم الإشارة إليهما بالاسم، فالبيان الختامي كان واضحا عندما انتقد استمرار اعتقال علماء ورموز على المستوى العربي معروفة بمنهجها الوسطي المعتدل، وهي إشارة إلى اعتقال العديد من الأسماء الإصلاحية الدعوية والعلمية بالمملكة السعودية، كما أن الإشارة إلى إيران وما تفعله في سوريا واليمن كان واضحا، لكن لماذا فضلت الحركة عدم تسميتهما ؟ وهو تساؤل يحتاج فعلا إلى توضيحات من طرق قيادة الحركة. سابع ملاحظة، وهي صادمة، تتجلى في عدم إعطاء الأهمية الكافية كما كان سابقا، للملف الإعلامي، خاصة بعد إغلاق أسبوعية "التجديد"، وبعدها موقع "جديد بريس"، والاكتفاء فقط بالموقع الرسمي، وبالتعبيرات الإعلامية القريبة أو المقربة من الحركة، في الوقت الذي كان ينتظر العديد من المتتبعين إيجاد مساحة إعلامية جديدة تواكب المتغيرات التي تشهدها الحركة، بعد أن كانت تخصص إمكانات كبيرة لهذا الملف خاصة على المستوى المالي، في ظل غياب مشاريع (إعلامية إسلامية) حقيقية على الساحة الوطنية.