هكذا فجأة ظهر الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي من جديد، لقاء بوجدة لإطلاق نداء الوحدة المغربية الجزائرية ومن أجل إعادة العلاقة بين الدولتين للسكة الصحيحة، ثم لقاء بالخزانة الوطنية من أجل التعريف بالتطور التاريخي للقضية الوطنية، وبين هذا وذاك لقاءات إقليمية كثيرة يقدم عبرها السيد اليوسفي مذكراته التي صدرت مؤخرا.. المختلف في لقاءات السيد اليوسفي هذه المرة أنها تتم بتأطير كامل من طرف قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي وعلى رأسهم السيد إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب. وهو ما يعني أن شيئا ما يحدث في كواليس الحزب أو ربما في كواليس الساحة السياسية المغرب بشموليتها، فحديث البعض عن فراغ الساحة السياسية وعن كون أن هذه هي الفرصة المناسبة التي يمكن للاتحاد الاشتراكي أن يعود عبرها ليتزعم المشهد الحزبي في المغرب. قد يبدو في هذا الأمر بعض المبالغة خاصة بالنسبة للعارفين بأحوال البيت الداخلي للحزب والملطخ بصراعات شديدة يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي، إلا أن التأمل في الالتحام الحاصل حول السيد عبد الرحمان اليوسفي سيجعلنا نفهم أن الأمر ليس حقيقة مبالغ فيه وأنه بإمكان الحزب ملأ الفراغ الحاصل في المشهد السياسي المغربي الذي ما عاد بإمكان حزب العدالة والتنمية ملؤه ولا باقي الأحزاب طبعا بما فيها الأصالة والمعاصرة وأيضا التجمع الوطني للأحرار… ببساطة لأنها أصبحت مرتبطة في ذهن المغربي بكل ما هو سلبي. لا نقول أن حزب الاتحاد الاشتراكي مرتبط في ذهن المغربي بما هو إيجابي، لكننا نقول أن السيد عبد الرحمان اليوسفي يحتفظ له المغاربة بصورة المناضل الشريف الذي خانه رفاقه. لا يهمنا إن كانت الصورة حقيقية أم مبالغ فيها بقدر ما يهمنا أنها حقيقية في ذهن المغاربة، وهي النقطة التي يحاول حاليا حزب الوردة أن يستغلها ليعود لتزعم المشهد. حزب الاتحاد الاشتراكي هو حزب عبد الرحمان اليوسفي، هذا ما تريد قيادة الحزب أن تخبرنا به أو بالأحرى هذا ما تريد أن تذكرنا به عبر اللقاءات الكثيرة والمتتالية التي يعقدها السيد اليوسفي. ولا نقول قط أن في ذلك استغلال للسيد اليوسفي ولوقاره من طرف لشكر ورفاقه فربما السيد اليوسفي يطمح، بإرادة ثابتة، في إنقاذ حزبه.. لكن هذا يضعنا أمام سؤال: ما حاجة الدولة لحزب الاتحاد الاشتراكي؟ لا نملك جوابا قطعيا لسؤالنا أعلاه لأن الكثير من الجزئيات تغيرت في علاقة الدولة بهذا الحزب، فلا حزب اليوم هو حزب التسعينات و لها، و لا يوسفي اليوم هو يوسفي تجربة التناوب، تلك التجربة التي كان من المفروض أنها تجربة للانتقال الديمقراطي، والتي كان مخطط لها أن تدوم 10 سنوات، لكنها دامت لخمس سنوات، فقط لكون اليوسفي لم يكن في يوم رجل دولة مطيع، والدولة ما كان لها قدرة على ترويضه كما فعلت مع لشكر ومن سبقوه من زعماء الحزب. لا أدري إن كان الأستاذ اليوسفي قد فهم بعد 16 سنة (2002-2018) أن أهمية الدولة وأهمية استمرارها متماسكة هو أمر أكثر جلالة من القيم والمبادئ الحزبية أم أن السيد اليوسفي مازال في عمقه الكثير من الحسرة التي آن الأوان للتخلص منها عبر العودة وبقوة، وليس هناك ما هو أقوى من القضية الوطنية والصراع المغربي الجزائري.