تلقت جمعية ثافرا للوفاء والتضامن بسخط عارم وباستياء كبير قرار غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء القاضي بتأييد الحكم الابتدائي على المعتقلين السياسيين لحراك الريف. وقرار المحكمة هذا يثبت صحة موقف معتقلي حراك الريف بمقاطعة جلسات المحاكمة استئنافيا بسبب رفض هيئة المحكمة الإستجابة لمطالبهم الضامنة لشروط المحاكمة العادلة واعراضها عن البحث في حقيقة ما حدث بدءا من لحظة طحن الشهيد محسن فكري إلى غاية إصدار قرار محكمة الاستئناف. كما يؤكد غياب استقلالية القضاء ببلادنا واستمرار توظيفه في تصفية الأصوات الحرة. إن نطق المحكمة بقرارها الأخير يؤكد النية المبيتة للدولة المخزنية بتركيع إرادة الشعب في التغيير، من خلال الانتقام من معتقلينا عبر محاكمات صورية والإمعان في إذلالهم، الأمر الذي رد عليه معتقلونا بشكل احتجاجي غير مسبوق، حيث بدأوا تباعا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام والماء والكلام. وقد دشن هذا الإضراب المعتقلان السياسيان ناصر الزفزافي ومحمد حاكي يوم الإثنين 2019/4/8 بخياطة فميهما بالخيط والإبرة، وذلك احتجاجا على الأحكام الظالمة التي أقرتها محكمة الاستئناف في حقهم. وبمعركة الأمعاء الفارغة والشفاه المخيّطة هذه يكون معتقلو حراك الريف قد دخلوا في مرحلة اللاعودة مجسدين أحد أهم شعاراتهم الحراكية: الموت ولا المذلة، ويعلنونها صرخة مدوية لا صرخة بعدها: الحرية أو الشهادة. وإذ ندين الأحكام الجائرة والظالمة التي صدرت في حق معتقلينا، فإننا ننبه جميع مؤسسات الدولة، بما فيها مؤسسة رئيس الدولة الذي تصدر الأحكام بإسمه، بمسؤوليتها اللحظية والتاريخية إزاء الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان بالريف. كما نذكرها بأن قضية حراك الريف هي قضية سياسية، وحلها لن يكون أمنيا ولا قضائيا، بل حلا سياسيا يقتضي التحرك العاجل لإنقاذ أرواح معتقلينا وإطلاق سراحهم وتحقيق مطالبهم، وإجراء مصالحة حقيقية مع الريف بتغيير العقيدة السياسية للدولة اتجاهه والقطع مع المقاربة الأمنية الممنهجة تجاهه. وهذا لن يتأتى بدون شك إلا بالانتقال إلى دولة الحق والقانون والمؤسسات المستقلة فعليا، فتضحيات معتقلينا وأرواح شهدائنا السابقين والمقبلين لن تذهب سدى وستفضي لا محالة إلى انهيار منظومة الفساد والاستبداد مهما استقوت بالقمع والتسلط الفاقد للشرعية المجتمعية. وفي هذا الصدد، نذكر بأن من يستحق الأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف هم قتلة الشهيدين محسن فكري وعماد العتابي وغيرهما، وكذا من خونوا الريف واتهموه بالانفصال وكانوا سببا في مآسيه الحديثة، إضافة إلى منظومة الفساد الجشعة التي خربت الريف ودمرت نسيجه المجتمعي واستنزفت ثرواته إسوة بباقي مناطق الوطن. وإننا إذ نعتز بصمود معتقلينا وعائلاتهم ونحيي المدافعين عن براءتهم والمطالبين بحريتهم، فإننا نهيب بالجماهير الشعبية والهيئات الداعمة لمعتقلي حراك الريف محليا ووطنيا ودوليا الالتفاف حول المعتقلبن السياسيين لحراك الريف وعائلاتهم، والتصعيد في تحركاتها النضالية والوحدوية للوقوف في وجه تغول دولة وضعت نفسها في مواجهة شعبها وتأبى أن تصغي لمطالبه العادلة والمشروعة وتريده أن يظل أسير العبودية المقنعة، مع أننا في زمن تحرر الشعوب من الأنظمة المارقة، ودروس الشعوب المغاربية ماثل أمامنا . وختاما، فلنبقى موحدين في المواقف الصعبة والمحن الكبرى ولنتجنب التخوين الذي لن يزيد إلا في تعميق جراحنا ومآسينا. فالريف الذي هو بجمال يوسف ينزف دما، وأهله الذين هم بحزن أبيه يتألمون وحدهم وكأن وطنهم الكبير يدفعهم دفعا لمصير خارجه، والدولة التي هي بفساد إخوته مستمرة في طغيانها. عن مكتب الجمعية