أحمد رباص حضرت مكونات الجبهة الاجتماعية المغربية ببنسليمان مساء هذا اليوم للمكان المحدد لواقع على رصيف شارع الحسن الثاني لتنظيم وقفة احتجاجية تخللها ترديد مجموعة من الشعارات التي لخصت جميع أوجه معاناة ساكنة الاقليم. بدأت حصة ترديد الشعارات بالتأكيد على أن الوحدة والتضامن تتحقق المطالب وبدعوة المواطن الى الاحتجاج بدل الاكتفاء بموقف التفرج والى انه حان وقته للخروج الى الشارع لاسماع صوته دفاعا عن حقه. ثم توالت شعارات اخرى، منها ما ندد بنهب الاقليم ومنها ما استنكر تواطؤ السلطات المحلية مع شركتي النظافة والنقل البين حضري ومع مقاولة في بوزنيقة أقدمت على تسريح عمالها الذين كانوا كلهم شبابا وشابات متحدرين من اقليم بنسلبمان. وبما أن هذه الوقفة تزامنت مع الذكرى التاسعة لحركة 20 فبراير فقد ردد المشاركون شعارا يصف الحركة اياها بالمجيدة والخالدة. كما رددوا شعارات أخرى تستنكر تفشي الرشوة في دواليب المؤسسات الادارية والجماعات المحلية وكذا المصالح الخارجية وتطالب بوضع حد للمحسوبية والزبونية اللتين تتعامل بها السلطات المحلية مع منتفعين من خلال منحهم امتيازات تمثلت في وظيفة او منحة. في نهاية الوقفة قرئت على مسامع المحتجين كلمة الجبهة الاجتماعية وفي ما يلي نصها الكامل: ايها المواطنات، أيها المواطنين ننظم هذه الوقفة الاحتحاجية اليوم بعد أن وصل القهر و الظلم و الحكرة إلى أبعد مدى و لم يعد أمام الشعب المغربي إلا الانتفاضة في وجه الفساد و الاستبداد ليقول لكل القيمين على تدبير الشأن العام عموما و الشأن المحلي خصوصا ” تقهرنا” لقد وصل المغرب للباب المسدود بسبب السياسات العمومية المعتمدة و التي أقرت بفشلها دوائر القرار العليا بالبلاد بعدما لم تصبح خافية على عموم المواطنات و المواطنين الذين تأثروا بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية و الاجتماعية الخانقة بسبب الزيادات المهولة في أسعار المواد الاستهلاكية و المحروقات و فواتير الماء و الكهرباء و الضرائب غير العادلة و غيرها من الفواتير التي أثقلت كاهل المواطن المغربي الذي لم يعد قادرا على الاحتمال و هي نتيجة حتمية لضرب صندوق المقاصة و تقاعد الموظفين و غيرها من السياسات التقشية المملاة من صندوق النقد الدولي و باقي الصناديق الدائنة. و أمام هذا الواقع الملتبس لم يجد المخزن من جواب لحل الأزمة سوى بقمع كل الحراكات التي خرجت لتدق ناقوس الخطر و تشعر المسؤولين بحجم المعاناة التي أصبح يعيشها المواطن المغربي، حيث تم قمع كل الحراكات الاجتماعية و الزج بنشطاءها في السجون، و في مقدمتهم نشطاء حراك الريف و جرادة، كما تمت متابعة و اعتقال الصحفيين و المدونين و تم تفعيل محاكم التفتيش في وجه المعارضين للسياسات الطبقية التي يعتمدها النظام الحاكم. و إذا كان الوضع العام هكذا كما تم تشخيصه فإن إقليم بنسليمان يعيش في غرفة الانعاش بسبب سياسة الدولة التي اعتبرته متنفسا للعاصمتين الاقتصادية و الإدارية الدارالبيضاء و الرباط حيث تم حرمانه من الإقلاع الاقتصادي الذي تتوفر من أجله كل الشروط بسبب موقعه الجغرافي المتميز. و في مقابل ذلك لم يتم استغلال طبيعته المتنوعة لجعله وجهة سياحية مهمة عبر توفير بنية تحتية قادرة على جلب السياح و خلق اقتصاد بديل قادر على تعويض حرمانه من أن يكون قطبا صناعيا. فمدينتا بنسليمان و بوزنيقة لا تتوفران على فنادق و لا على أي بنية تحتية تشجع على السياحة. هذا الوضع جعل الهشاشة هي السمة الأساسية التي تطبع الوضع الاجتماعي سواء في المجال الحضري أو القروي. و ما زاد من معاناة ساكنة الإقليم هو الفساد المستشري في الإقليم حيث نهب مالية الجماعات و أموال المبادرة الوطنية للتنمية المحلية و أموال المخطط الأخضر عبر تواطؤ مكشوف بين كل القيمين على تدبير الشأن المحلي و الإقليمي من منتخبين و سلطات و مصالح لا ممركزة. و أبرز مظاهر هذا التبدير و النهب للمال العام هو صفقات التدبير المفوض التي أوقفت التنمية بالجماعات بسبب تكاليفها الباهضة التي أثقلت كاهل الجماعات و جعلتها غير قادرة على تلبية احتياجات المواطنات و المواطنين مقابل خدمات محدودة لا تلتزم فيها هذه الشركات بتعاقداتها مع الجماعات أمام أعين سلطات المراقبة في تواطؤ واضح و مخز. إضافة إلى ذلك فإن مالية الجماعات أصبحت وسيلة لشراء الذمم و الحفاظ على توازنات سياسية حيث تم استخدامها لخلق الأغلبيات الوهمية سواء بتوزيع منح على جمعيات المستشارين و من يدور في فلكهم أو شراء أساطيل السيارات و توزيعها على الأعضاء إرضاءا لهم لضمان ولاءهم و تبعيتهم لرؤساء الجماعات. أما الخدمات الصحية بالإقليم فهي تحتضر في غرفة الإنعاش. فإذا أصبح المستشفى الإقليمي ببنسليمان عبارة عن نقطة عبور للرباط و الدارالبيضاء بسبب قلة الموارد البشرية و ضعف التجهيزات رغم الأموال الطائلة التي تم صرفها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على شراء أجهزة مهمة تتعرض الآن للتلف بسبب عدم استخدامها، فإن وضع المراكز الصحية و المستوصفات كارثي تمتهن فيه كرامة المريض و كل من يزورها، أما النقل فالشركة الوحيدة الحائزة على امتياز النقل البين حضري أصبح أسطولها عبارة عن صناديق الموت حيث تصدرت المغرب في عدد الحوادث و وضعها كارثي لا تتوفر فيه أدنى شروط الراحة و الأمان كما زاد من معاناة الساكنة منعها من الدخول لمدينة المحمدية دون أن تستطيع السلطات المنتخبة أو السلطات الإقليمية حل المشكل رغم الوعود الكثيرة التي قدمتها للساكنة و الطلبة بصفة خاصة بحكم أنهم هم الفئة الأكثر تضررا من النقل العمومي بالإقليم. أما مافيا العقار فقد وجدت في الإقليم أرضية خصبة لنهب أراضي الدولة و النصب على المواطنين في أكثر من تجزئة سكنية أمام تراخي المسؤولين و القضاء في حماية المواطنين من عمليات النصب التي يتعرضون لها، كما أن مقالع الأحجار دمرت المجال الغابوي و الأراضي الفلاحية و الطرقات بسبب الترخيص العشوائي و عدم احترام دفاتر التحملات و الحمولة الزائدة للشاحنات بمباركة السلطات المختصة و تراخي رجال الأمن و الدرك. أما التعليم فلوبيات القطاع الخاص استغلت ضرب المدرسة العمومية و إفقداها ثقة المواطنين لتبتز جيوب الآباء و الأمهات بأثمنة خيالية و رسوم لا قبل لهم بها كالتأمين الذي يتجاوز الألف درهم دون إعطاء وثائق تبرر ذلك أمام أنظار القيمين على القطاع. أما الجماعات القروية فتعيش الويلات بسبب الفساد التي ينخرها حيث ضعف المسالك و الخدمات الصحية و ندرة الماء الصالح للشرب و هو ما يندر بهجرة جماعية للمدن إذا لم يتم اعتماد سياسات مندمجة قادرة على حل مشاكل العالم القروي. لهذا نرفع شعار “تقهرنا” كتعبير عن عدم الصبر و احتمال الوضع المزري الذي اصبح يعيشه عموم المواطنين. إن مشاكل إقليم بنسليمان لا يمكن حصرها بسبب الإهمال و الفساد و التواطؤ بين مختلف الفاعلين. لهذا فإننا في الجبهة الاجتماعية ببنسليمان و التي هي عبارة عن تجمع لكل المتضررين من السياسات العمومية و تدبير الشأن الإقليمي من أحزاب و نقابات و جمعيات و طلبة، عمال، فلاحين، حرفيين، باغة متجولين، و كل المتضررين أخذنا على عاتقنا معانقة هموم الجماهير الشعبية حتى إسقاط الفساد و محاسبة المفسدين ناهبي المال العام و المضاربين و صيانة كرامة المواطن السليماني في البوادي و المدن و تمتيعه بحقوقه كاملة. و تحية نضالية عالية لكل الإطارات و الفئات المشاركة في هذه الوقفة و عموم المواطنات و المواطنين.