أحمد رباص تعاني ساكنة بوزنيقة من عدة اختلالات وسلبيات لها علاقة بالجانب السوسيوقتصادي وذات تأثير كريه على نوعية الخدمات التي من المفترض أن يستفيد منها المواطن باعتباره ملزما بأداء الضرائب مباشرة كانت أو غير مباشرة. ويكاد المرء أن يجزم بأنه لا وجود في بوزنيقة لقطاع واحد من القطاعات الأساسية أبان عن أداء خدماتي يجلب رضى المرتفقين ويكون عند حسن ظنهم. في القطاع الصحي، مثلا، لا تتوفر المدينة سوى على مركز صحي يتيم عاجز كليا عن الاستجابة للحاجيات المتزايدة للساكنة المحلية التي يزداد تعدادها عاما بعد عام. وبالرغم من التوسعة التي خضع لها مؤخرا المركز الصحي، إلا انه ظل يقوم بدور الوسيط بين المرضى والمستشفيين الإقليميين في كل من المحمدية وبن سليمان، وبينه وبين المستشفيين الجامعيين في كل من الدارالبيضاء والرباظ. أما قسم المستعجلات المشيد حاليا خلف مدرسة عبد الله كنون الابتدائية فقد لوحظ عليه أن بابه مغلق دائما ولا أحد يدخل أو يخرج منه. لا تخضع الأدوية المخصصة لهذا المركز لمراقبة صارمة من شأنها حمايتها من أن يتم التلاعب بها وضمان توزيعها على المرضى، مع إعطاء الأولوية للفقراء منهم الحائزين على بطاقة راميد. وفي ظل النقص الكبير في مادة لانسولين يضطر مرضى السكري إلى انتظار مرور شهر كامل قبل الحصول على جرعة من هذا الدواء. أما صيدليات الحراسة أو المداومة الليلية فلا توجد منها سوى واحدة لسكان سائر أرجاء وبادية المدينة. فضلا عن ذلك، لوحظ بأسف عميق انعدام الخدمات الطبية أحيانا، خاصة بالنسبة للمستعجلات دون أن يغيب عن البال الخصاص الفظيع في الأطر الطبية وشبه الطبية وكذا في المعدات. وعلى كل مريض أو مريضة، استدعت حالتهما الصحية المتدهورة نقلهما بواسطة سيارة الإسعاف إلى مؤسسة استشفائية في مدينة أخرى، أن يدفعا ثمن ليترات البنزين اللازمة ذهابا وإيابا، وإذا كانا معوزين يبقيان عرضة للإهمال وفريسة للآلام. في الجانب السوسيوقتصادي دائما، تعاني المدينة من تفشي البطالة في صفوف الشباب الحاصل على مؤهلات علمية أومهنية رغم توفر المدينة على حي صناعي تحول للأسف الشديد إلى قبلة يؤمها عمال وافدون عليه من مناطق أخرى. وضمن العدد الإجمالي للمستخدمين في الحي الصناعي لا يشكل أبناء وبنات المدينة سوى نسبة قليلة؛ لأن أعلب المقاولات المتواجدة هنا ترفض تشغيلهم، والسبب في ذلك راجع إلى كونها عبارة عن فروع تابعة لمراكز أساسية توجد مقراتها في مدن أخرى، وهذا ما يجعلها لا توظف إلا نسبة ضئيلة منهم ولا ترتقي نسبة تشغيلهم إلى 70 % إلا إذا كان مقر الشركة الأم موجودا بعين المكان. أما وكالة الأنابيك المختصة التي تتوسط في تشغيل الكفاءات فهي وإن كانت توفر فرص شغل إلا انها تبقى غير كافية. والملاحظ ان هذه الوكالة تعمد إلى حرمان جل الشباب الموقعين على عقدة للاستفادة من فترة تدريب بإحدى الشركات من احتساب هذه المدة ضمن أقدميتهم لأنها لم تستغرق حولين كاملين. كما تظهر وضعية النقل العمومي البيحضري مأساوية بحيث لا يرقى إلى تطلعات الساكنة. ومن المسلم به لدى هؤلاء أن أصل المأساة في هذا القطاع كامن في الحالة الميكانيكية المتهالكة وفي العدد غير الكافي للحافلات المشكلة لأسطول الشركة السيئة الذكر التي تحتكر النقل الحضري بين مدن المحمديةوبوزنيقة وبنسليمان. فعلا، ترهل الأسطول وتقادم إلى درجة لم تعد معها الحافلات صالحة لنقل العباد. كثيرا ما تصاب بالأعطاب للتتوقف في منتصف الطريق فيضطر الركاب للنزول في انتظار حافلة قادمة من نفس الاتجاه وهي غاصة عن آخرها بالمسافرين. وبفعل تفكك هياكل الحافلات يتسرب ماء الندى والمطر إلى داخلها فتبتل المقاعد الجانبية وتظل شاغرة طيلة مسار الرحلة لأن الركاب يفضلون في مثل هذه الحالة التزاحم وقوفا داخل الممر بدل الجلوس على الماء البارد. تتوفر بوزنيقة، كما هو معلوم، على محطة للقطار غير أن فرض السفر عبر هذه الوسيلة تبقى قليلة خلال النهار وتصبح منعدمة بالمرة ابتداء من الساعة الثامنة ليلا. وبإلقاء نظرة إلى المواصفات التي بنيت بها هذه المحطة وتجهيزاتها يخرج المرء بقناعة مفادها أن سلامة الركاب غائبة تماما عن مسؤولي النقل السككي ببلادنا، كما أن هناك غيابا شبه تام للولوجيات الخاصة بذوي الاحتياجات، ناهيك عن كون مواقيت وصول وإقلاع القطارات غير مناسب للطلبة والعمال والموظفين. وصولا إلى السوق الأسبوعي لبوزنيقة، تبين للمهتمين بالشأن المحلي على أنه يساهم بقسط وافر في ترييف المدينة ويشكل نقطة سوداء مشينة على جبينها. ففي كل مساء يوم الخميس، عندما تخمد ديناميته، تبدو ساحته كمطرح نفايات يحتضن أكواما من الأزبال متناثرة هنا وهناك تقتات عليها رؤوس من الغنم والبقر. فضلا عن هذه المعاينة، يبقى هذا السوق مضر بالمدينة قبل أن يكون نافعا لها حيث أن التجار الذين اعتادو عرض سلعهم هنا ابتداء من مساء كل أربعاء هم في غالبيتهم وافدون من مناطق أخرى. في ختام هذا المقال، يجدر التذكير بان القوى الحية تطالب المسؤولين بإيجاد بدائل ضرورية للنهوض بالوضع السوسيوقتصادي والسوسيوثقافي للمدينة. وهكذا استقر رأيها على أن بناء أسواق نموذجية من شأنه وضع حد للفوضى التي يتسبب فيها السوق الأسبوعي مرة في كل أسبوع. كما أشارت في أكثر من مناسبة إلى أن المجلس الجماعي يفتقر إلى تصور متكامل لنموذج تنموي يستجيب لاحتياجات السكان من جميع النواحي محملينه والسلطات المحلية مسؤولية بناء وتجهيز دار للثقافة ودار إضافية للشباب وتشييد المزيد من ملاعب القرب ودعم المجال الثقافي بكل أشكاله.