بقلم : عبدالنبي التليدي لم يسبق لأية انتخابات أن كانت اكثر اثارة بعد الاعلان عن نتائجها الى حد المفاجاة لدى الجميع والى حد الصدمة عند زعماء حزب العدالة والننمية بالخصوص لانهم لم يفهموها وطلبوا بشرح لها ؛ نظرا للظروف التي مرت فيها و للنتائج التي تمخضت عنها والى الغاية المراد تحقيقها من ورائها وإلى التخوفات المشروعة لفئات عريضة من المواطنين على المستقبل خصوصا وانها جاءت بعد تبوء حزب العدالة والتنمية حكم المغرب لعقد من الزمن على اثر الحراك الاجتماعي للشعب المغربي الذي خلدته حركة 20 فبراير سنة 2011 وطالبت اثناءه كل الشرائح الاجتماعية للشعب المغربي وفئاته بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وباسقاط الفساد … هذا الحراك الذي كان من سوء حظ المغاربة ظهور عبدالاله بنكيران زعيم الحزب المذكور في الساحة وكان يدا خفية كانت تهيئه لاقتناص اللحظة التي تفاءل بها المغاربة فدفعت به للركوب عليها واستغلال استعداده وما راكمه من تجارب في الدس وفي الغدر والنفاق لقطع دابر الحراك واحباط طموحاته وخدمة اجندات المناوئين له والخائفين من اثاره المحتملة على مستقبلهم السياسي وعلى مال ثرواتهم المتراكمة على حساب الشعب بكثير من الوسائل الغير مشروعة الموشومة بالفساد الناتج عن الريع وعن المضاربات والامتيازات الغير الخاضعة لاي منطق الا منطق الربح مستغلين الديموقراطية الشكلية في الحكم حيث توجد مؤسسات تشريعية كسولة ومتواطئة وحكومات ضعيفة لا تحكم الا في حدود مرسومة لها سلفا مع غياب المراقبة الجادة وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الافلات من العقاب … ففاز هذا بنكيران في انتخابات تلت خطاب 9 مارس التاريخي والذكي في توقيته ووعوده ، تم التهييئ لها بحنكة سياسية يتقنها المخزن كما أتقنها في انتخابات 8 سبتمبر 2021 وان بحنكة فضحها المال السايب في الدوائر الانتخابية كما شهد به رئيس الحكومة نفسه ورؤساء الاحزاب السياسية دون أن يفتح بحث أو تحقيق فيه ، للانقلاب على حزبه في هذا الشهر المبارك على اباطرة المال و أصحاب الشكارة بعد ان اكل عليه المخزن وشرب وقضى به مآرب كثيرة لم يكن ليقضيها مع حكومات غيره سواء في القضايا الداخلية شملت جميع مناحي حياة المغاربة الذين تأثرت الى حد البؤس والعبث باشكال لم يسبق لها مثيل وسواء في القضايا الخارجية كقرار التطبيع مع " إسرائيل " ولو كان خطيرا على الحزب وعلى مرجعيته الإسلامية ويرفضه جل المغاربة ! . بعد أن حصل عبدالاله بنكيران على راسة الحكومة تفعيلا لمقتضيات دستور يونيو 2011 بفضل كثلة ناخبة حاضنة له واخرى اعتقدته صادقا ومنقذا لها من أوضاع البؤس والضياع كانت تتطلع إلى تحقيق المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي رفعتها شعارات اثناء حراكها ، لكنه.تصالح مع الفساد بعد أن عفا عما سبق من فساد لانه صار منه وجزء من منظومته إلى أن وقع له ما لم يحسب له حسابا لأن البلوكاج كان مدروسا ومحكم التنفيذ وجيد الاخراج من طرف التماسيح والعفاريت !. فنودي على سعد الدين العثماني لتراس الحكومة الثانية وخلافة " من خان الشعب من جهة وأكثر من القيل والقال عن انقاذ النظام من تبعات حركة 20 فبراير 2012 من جهة ثانية " بصفته رئيس المجلس الوطني للحزب ولينفذ باقي القرارات اللاشعبية في كل قطاع بدون استثناء همت التعليم والصحة والشغل والخدمات والحقوق والحريات وغيرها مما يصب كله في صالح القطاع العام الذي اضحى المغرب كضيعة له لكنه يثقل كاهل المواطنين ومضر بمستقبلهم لانه يخدم الخواص وأصحاب الريع وذوي الامتيازات وبصفة عامة في خدمة النيوليبرالية المتوحشة وذوي النفوذ داخل مربع السلطة والمال ، وهو ما تحقق للدولة العميقة بكل سهولة وانبطاح تام لمشاريعها وبفضل سياسة العصا الغليظة التي كانت تنفذ ضد كل تحرك احتجاجي شعبي ولو كان سلميا ومسالما وعاقلا ، وبفضل وباء كورونا الذي كان نعمة على من أحسنوا استغلاله لتمرير سياساتهم بما فيها قرار إجراء الإنتخابات في ظلها ورغم ارتفاع منحى عدد الاصابات وعدد الموتى ! . هذه الانتخابات التي مرت كما اسلفت القول في ظروف مثيرة الى حد الغرابة والقلق في ان واحد بالنظر : _الى الشروط التي تمت فيها الحملة الانتخابية حيث كان المال عمودها الفقري والموجه لها حسب تصريحات المسؤولين في الحكومة ذاتها ومن دون أي نقد ذاتي عن هذه التصريحات لانهم مسؤولون مسؤولية كاملة وذوي اختصاصات دستورية وادارية تخولهم كثيرا من التدابير وإلاجراءات لمواجهتها و بكل الوسائل سواء أمام الإدارة أو أمام القضاء ، ومع ذلك لم يتحركوا وهو ما يطرح علامة استفهام أخرى خصوصا من طرف زعماء الأحزاب مثلما أشرت اليه الذين تباكوا مما سمعوا به عن المال الحرام وعن القفف الموزعة وعن شراء المرشحين والناخبين في البوادي والمدن وكانها أصبحت أسواق نخاسة بالإضافة إلى عدم احترام إجراءات الحجر الصحي اثناء التجمعات والدعاية ودون ارتداء الكمامات الواقية من طرف المجندين في الحملات التي استغل فيها الأطفال والقاصرون ! واشتكوا على الملا مما شاهدوه وشهدوا به عن عمليات البيع والشراء في المجتمع .. _ والى الشروط التي تمت فيها عمليات التصويت التي تم غض الطرف فيها عن الهوية وعن لزوم الادلاء باصل البطاقة لاثبات هوية الناخب والتي تم فيها رفض تسليم محاضر التصويت لممثلي المرشحين الذين صرحوا بهذا واحتجوا عليه بل وطالب بعضهم تدخل وزارة الداخلية في الموضوع مثلما فعل مرشحو حزب العدالة والتنمية ناهيك عما تم تداوله عن إحراق أوراق التصويت ! ، بالإضافة إلى ما لوحظ وشهد به الجميع عن نسبة المشاركة في عمليات التصويت التي لم تتعد أكثر من 12% عند الساعة الثانية عشرة زولا و 36% عند الساعة الخامسة مساء لكنها وصلت إلى 18، 50% عند إغلاق مكاتب التصويت وانهائه في الساعة السابعة مساء كما تقرر وهي النسبة التي فاجات العديد من الملاحظين والمتابعين لانتخابات 8 سبتمبر 2021 ! . _والى النتائج المعلنة التي كانت اكثر مفاجأة للناس بل يظهر انها كانت فاجات ايضا حتى المسؤولين انفسهم الساهرين على تنفيذ هذا الانقلاب السلس والديمقراطي بالمفهوم المغرب الرسمي للديموقراطية الذي كان يريد الوصول فعلا الى هذه النتائج وبدون خسائر مؤثرة والغير مرغوب فيها ما جعله يتخذ كافة الاحتياطات اللازمة بما فيها تاجيل الدخول المدرسي بدعوى تصاعد منحى وباء كورونا وتفادي اثاره الخطيرة على المواطنين وهو كذلك فعلا ، ولكن لغاية سياسية ومارب اخرى , هذا الوباء الذي احسن المتحكمون الحقيقيون في سياسة الدولة استغلاله لتمرير سياساتهم في كل مجال استراتيجي وقطاع حيوي او شبه حيوي , ولتفادي في الواقع كل الردود السياسية والاجتماعية المحتملة من داخل القاعدة الخلفية لحزب العدالة والتنمية التي ستكون المتضررة الاكثر من هذا الانقلاب الجد ذكي وقد حقق هدفه بذكاء بفضل المال والإدارة المجتهدة والمتجاوبة مع السياسة الرسمية للدولة . وهكذا تمخضت هذه الانتخابات عن فوز احزاب الاوليكارشية المالية ، التي لا ايديولوجية لها كما يفترض في الدول الديموقراطية وتأخذ بالنظام الليبرالي ولا برنامج يمكن للناخبين الاطمئنان اليه ، عن أغلب المقاعد في الجماعات والجهات وفي البرلمان وجعلت عزيز اخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والغابات منفذ البلوكاج وصاحب تصريح "ومن تنقصه التربية من المغاربة، علينا أن نعيد تربيته" كما اورد في خطاب له بروما ومالك شركة أفريقيا غاز التي قاطعها المغاربة منذ سنتين وشركة اوكسيحين المغرب وشركات اخرى في البر والبحر ، على رأس الحكومة المقبلة لما بعد الربيع العربي الذي احرقته سموم الشرق العربي ، بعد أن عينه جلالة الملك عملا بالفصل 42 لان حزبه حصل على 103 مقعدا داخل مجلس النواب بينما لم يحز حزب العدالة والتنمية الا 13 مقعدا لانه لم ينتبه إلى "جثة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " فيالها من سياسة لا ترحم ! فاتقوا الله في أنفسكم يا تجار المبادئ ويا تجار الانتخابات !. فإلى أين يسير المغرب في ظل حكومة يراسها رجل مال وشعب يعاني الفقر والازمات ؟ فهل يتمكن من تغيير سياسة المغرب القائمة على التحكم ؟ وهل بإمكانه إعادة توزيع الثروة على المغاربة ولو بشبه عدل او على الاقل تنفيذ ما وعد به الناخببن ؟