بقلم: انوار العسري تعيش أحياء الصفيحة بالعرائش، وعلى رأسها حي جنان بيضاوة، واقعاً مؤلماً يكشف حجم الهشاشة وتراكم الإخفاقات في معالجة ملف السكن غير اللائق. فرغم الوعود المتكررة وشعارات برنامج "العرائش بدون صفيح"، ما تزال مئات الأسر عالقة في ظروف سكنية لا تليق بكرامة الإنسان، وسط غياب حلول ناجعة وملموسة. فمع كل تساقطات مطرية، تتحول الأزقة الضيقة إلى مجاري للفيضانات، وتُغلق المنافذ أمام السكان الذين يجدون أنفسهم محاصرين داخل مساكن هشة لا تقاوم رطوبة ولا برداً ولا سيولاً. إنها معاناة يومية تجعل السكان يعيشون وضعاً يشبه "السجن الإجباري"، حيث يصبح الخروج من المنازل مغامرة محفوفة بالخطر، فيما تظل النداءات مرفوعة بلا مجيب. أمام هذا الواقع القاتم، يشعر سكان حي جنان بيضاوة بأنهم تُركوا لمصير غامض، بعد أن تخلى عنهم المسؤولون والنخب السياسية على حدّ سواء، رغم توالي الوقفات والرسائل والمطالب. فقد فشل البرنامج الموجه للقضاء على السكن الصفيحي في توفير بديل سكني لائق يضمن الأمن والسلامة والكرامة. ولا يطالب السكان بالكثير، سوى حق بسيط في العيش الآدمي: طرق صالحة للمرور، بيوت آمنة، وبنية تحتية تحميهم من الفيضانات، وأذاناً صاغية لصرختهم التي استمرت سنوات. اليوم، يقف سكان الصفيحة أمام خيار واحد لا يريدونه: الاستمرار في الموت البطيء وسط الإهمال، متشبثين فقط بإيمانهم بالله وحده، في انتظار بارقة أمل قد تنتشلهم من هذا الوضع الإنساني الكارثي. ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى سيظل ملف السكن الصفيحي رهين الانتظار؟ ومتى يتدخل المسؤولون بقرارات حقيقية تحفظ كرامة هؤلاء المواطنين؟