قال الباحث عبد الرزاق العمري، إن الدستور المغربي المُحدث سنة 2011، وعلى الرغم من تأكيده على توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدته على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، فضلا عن تيسير ولوجه للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية وما إلى ذلك، فإن أرقاماً مثيرة تلوح في الواقع، تعكس الحقيقة المرّة لوضعية هذه الفئة المعنية. مورداً في لقاء تفاعلي لتقديم المنصة الرقمية "سمعلي" والمنظم من طرف جمعية "ثسغناس للثقافة والتنمية" أول أمس الأحد بالناظور في إطار برنامج "مشاركة ومواطنة"، أنه في مقابل الرؤية الإستراتجية الموجهة للشباب، ثمة إحصائيات حكومية حول السياسة المندمجة للشباب تكشف على سبيل العدّ أن نحو 75 بالمئة من الشباب لا يتوفرون على أية تغطية صحية، منها رقعة واسعة تمثّل 20 بالمئة من هذا المجموع مهددة بالاضطرابات النفسية والصحية. واستناداً على إحصائيات، كشف العمري الذي أدار أشغال الندوة التفاعلية التي أشرف على تأطيرها باحثون متخصصون وأساتذة جامعيون، أن قرابة 60 بالمئة من الشباب الذين هُم في سن الاقتراع لم يقوموا بذلك في الانتخابات الأخيرة، في حين أن نسبة هزيلة جداً لا تتعدى نسبة 10 و15 بالمئة فقط من هذه الفئة، هي من تبادر إلى الانخراط والمشاركة في نسيج العمل الجمعوي بالمغرب. مبرزاً أن موضوع الشباب هو إشكال يقض مضجع الحكومات، كما أنه إشكال يؤرق فكر الساسة وكل المعنيين بالشأن السياسي بالمغرب، على اعتبار ما يكتسيه الموضوع من أهمية قصوى للدفع قدما بالدول وإنجاح واقع الإصلاحات السياسية، علاوة على كونه يشكل مدخلا حقيقيا للتنمية الاجتماعية والنهوض بكل ما يمكن أن يخدم المجتمع. واستطرد الباحث عبد الرزاق العمري، في معرض مداخلته ضمن الندوة التفاعلية التي عرفت حضور عدد من ممثلي منابر الإعلام الوطنية والجهوية، أن الشباب يعتبر في بعض الأحيان الترياق الذي يحل بعض الأزمات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، والسياسية، وذلك بفعل انخراطه في تدبير الشأن العام ومشاركته السياسية والفكرية والثقافية والتي تنبني في الأصل على أسس واعية. موضحاً أنه في الوقت نفسه، يصبح الشباب عالة وعقبة في طريق التطور والتقدم حين تنعدم أمامه فرص الانخراط والمشاركة أو حين يطاله التهميش والاستبعاد الذي يجعله غريبا في وطنه مغتربا في هويته ووجوده بحيث لا يجد من يحتضن مواهبه ولا يقدر إسهاماته ويوفر له البيئة المناسبة للتعبير عن اختياراته وتصوراته وقناعاته ويروي ظمأه الوجودي والمعرفي والاجتماعي والثقافي. وبيّن العمري، كيف أن الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية تشكل أدوات للاندماج الاجتماعي وكذا التدرب على المواطنة، كما تساهم في التماسك الاجتماعي وتعزيز كل أشكال التضامن وتمتين الروابط الاجتماعية لا سيما بين الأجيال، قائلا أن احتضان المبادرات الشبابية تشكل دوافع للتحرر، وأداة للوقاية من كل المشاكل والآفات الاجتماعية من سلوكيات غير حضارية مثل أعمال العنف والتصرفات المنحرفة والإدمان على المخدرات وغيرها من الآفات التي يكتوي بها الجسد المغربي. وأقرّ العمري في ختام مداخلته، أن هناك سياسة التهميش والإقصاء وضعف البنية التحتية الثقافية والترفيهية الدامجة، فضلا عن قصور سياسة الدولة في مجال التشغيل والاجتماعي للشباب، موضحاً أنها عللٌ تكرّس وتعمق الأزمة لدى الشباب، وكل ذلك كان ومازال يشكل قضايا الشباب وامتداداتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما يثير الكثير من الإشكالات على مستوى المركز.