لم يكن يعلم الشاب "ياسين المرابط " ذات الثلاثة والعشرين عاما أن ثمة سيارة عائدة ،طائرة من مكان ما تترصده وهو واقفا بعيدا عن الطريق يتبادل حديثا مع صديق لم يشأ له القدر أن يكتمل. لم تدم فرحة سكان مداشر منطقة " بوعارك" او ما يسميه اهل المكان ب" " لُوضا" التابع للمجال الترابي لقرية أركمان من تهيئة واصلاح وتوسيع الطريق الساحلي كثيرا، إذ سرعان ما تحول الحلم الذي راودهم لعقود بتوديع سنوات العزلة والمعاناة إلى كابوس يتمنون اليوم أن ينتهي بسبب الحوادث التي يعرفها ذات الطريق رغم انه يعتبر الشريان الموصل لمناطق السعيدية وبركان ووجدة انطلاقا من الناظور او مرورا منه او بقرية اركمان ورأس الماء (قابو ياوا). ويجمع الكثير من سكان المناطق القريبة من ذات الطريق على انه يشكل خطرا كبيرا على أرواح المواطنين لعدم وجود وسائل للسلامة المرورية على امتداد طوله، واصبح بالتالي لا يُذكر اسمه حتى يتبادر الى الأذهان مسلسل الحوادث الأليم الذي تعيشه المناطق المجاورة له خاصة منها منطقة " بوعارك" على مستوى جماعة أركمان، فكم من طفل تييتم وكم من أرملة بل كم من أسرة ذهبت بأكملها ضحية هذا الطريق الذي يشهد حوادث دامية مميتة تكاد تكون يومية. آخرها وليس آخرها، " شاب في مقتبل عمره ، طالب جامعي ( ياسين المرابط ) الذي لفظ أنفاسه الأخيرة يوم الاحد الماضي بعد أن صدمته سيارة كان صاحبها يقودها بسرعة على مستوى الطريق الوطني بمنطقة بوعارك على مستوى جماعة أركمان، ليفارق الحياة في الحين . خبر وفاته تسبب في حالة من الصدمة والحزن بين أصدقائه الذين فجعوا بخبر رحيله وهو ما يزال في ريعان شبابه، رحيل مازال يدمي قلوب كل معارفه واصدقائه. الطريق نفسه شهد حوادث عدة لآخرين، منهم من أصيب بنزيف ومن أصيب بكسور ومن توفي في الحين.. الطريق يمر من مناطق مأهولة بالسكان، ويقسم ذات المناطق الى قسمين بحيث يضطر الكثير من سكان المناطق المجاورة له خاصة منهم الأطفال الى قطع الطريق الى الجهة الاخرى المقابلة بحيث تنتشر الدكاكين .. وعلى الطرف الآخر للطريق ترى المساجد والمدارس وأمكنة سقي المياه او ما يسمى ب السقايات... الأمر الذي جعل هذا الطريق يشهد حوادث سير مميتة ، وجعل بالتالي مسلسل الحوادث على ذات الطريق يعرض حلقاته المأساوية الأليمة دون انقطاع أو انتظار. وكما يبدوا حال الطريق وكما على لسان حال اهل المكان ان الطريق بني - ربما- "بأخطاء واضحة "، أدت وتؤدي إلى وقوع حوادث ادخلت الحزن إلى بيوت كثيرة. الأمر الذي جعل سكان المنطقة والأهالي يطالبون الجهات المعنية بضرورة معالجة هذا الطريق، بإعادة تخطيطه "بشكل علمي"، بتحسين المداخل والمخارج للمداشر التي تنتشر على جنباته، ووضع إشارات ضوئية وخلق وبناء جسور علوية لعبور المشاة، والتكثيف من دوريات المرور السرية والرسمية منها على هذا الطريق، ليتم رصد المخالفات المرتكبة عليه، ومعاقبة اصحابها .. ولمنع السرعة واللامبالاة و ظاهرة السيارات "المقاتلات" التي تنتشر في المنطقة على نحو كبير، و مناشدين في ذات الوقت المسؤولين إنشاء مركز صحي لإنقاذ ضحايا الحوادث هناك. كما يُحملون من جهة اخرى ذات الجهات المعنية مسؤولية تزايد هذه الحوادث، مؤكدين أنهم تواصلوا معها دون جدوى، ولم يحصلوا منها سوى على وعود بأن هناك حلولاً قادمة !!. وحتى مركز طبي في المنطقة فهو غائب وأقرب مركز طبي، هو مركز قرية اركمان الصحي،(هذا.. ان سميناه مجازا مركز صحي ) و يفتقد لجميع الخدمات الصحية، والمستشفى يبعد عن المنطقة بنحو 30 الى 40 كيلومتراً وحتى يتم إسعاف المصاب في حادث سير يكون نزف كثيراً من الدماء بل ويفارق الحياة، على إثر ذلك. فهل من آذان صاغية من المسؤولين - يصرخ الأهالي - لتسمع شكاويهم، من أجل الحد من هذه الحوادث المتكررة بصورة شبه يومية أمام أعينهم، وبعدما فقدوا بسببها أبناءهم وأصدقاءهم وفلذات كبدهم.!؟. أم ان مسؤولينا تعودوا على عدم التراجع عن القرارات ولو كانت خاطئة، فالبادي من الأمور أنه على الرغم من ارتفاع معدل هذه الحوادث على هذا الطريق إلا أن الجهات المعنية في هذا الأمر لم تنوي بعد التفكير في ان تتخذ حيال هذا المكان أي إصلاحات فنية أوهندسية ... فعلى سبيل المثال وضع الحواجز الواقية التي تستخدم على الطرق والشوارع العامة والرئيسية لحماية مستخدمي الطريق من أية مخاطر محتملة. فمتى ستنظر الجهات المعنية الى هذا الطريق الذي يقول عنه اهالي المناطق المجاورة له انه ارتكب المصممون له "خطأً فادحاً" وهو اليوم يخلف ضحايا تنزف دماؤها بشكل شبه يومي. الطريق الذي أصبح هاجساً، واصبح شبح الموت يخيم عليه وتكاد لا تجف منه الدماء، ولن تُمْحى منه آثار تلك الفواجع الأليمة لكل بيت من بيوت الأهالي وما جاورها من المداشر التي تناثرت أشلاء أبنائها على جنبات الطريق، في منطقة اصبح يشك أهاليها بكل مسؤوليها. cy[