دعا الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الجزائري، إلى الحوار البناء مع مؤسسات الدولة، باعتباره المنهج الوحيد للخروج من الأزمة، مشيرا إلى ضرورة الانتباه إلى المخاطر التي تتهدد البلاد، في إشارة إلى سنوات الإرهاب والعنف التي عاشها الجزائريون، وأشاد بالشخصيات السياسية التي قبلت التحاور مع ممثلي مؤسسات الدولة، بغرض التوصل إلى حل للأزمة القائمة في البلاد. واعتبر الفريق صالح أنه يجب على الجزائريين أن ينتبهوا ويدركوا ما يحدق بالبلاد من مخاطر وتهديدات، ما يستوجب التحلي باليقظة والحيطة والحذر، مشيرا إلى أن مقترحات الجيش نابعة من وعيه الراسخ بأهمية هذه المرحلة في حياة البلاد، وبالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه وعلى عاتق جميع الجزائريين، الذين لا يرضون سوءا ببلادهم، مشددا على أن «الجيش يواصل رفقة الخيرين من أبناء الشعب الجزائري، العمل على تجنيب بلادنا مغبة الوقوع في فخ العنف وما يترتب عنه من مآس وويلات، وعلينا الاستفادة من دروس الماضي باستحضار التضحيات الجسام والثمن الباهظ، الذي قدمه الشعب الجزائري سواء إبان الثورة التحريرية، أو خلال فترة مكافحة الإرهاب التي استعادت فيها بلادنا الأمن والسكينة، وهي المكاسب الغالية التي يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها، وفاء لتضحيات شهداء الثورة التحريرية وشهداء الواجب الوطني». وحاولت أمس بعض الشخصيات السياسية تنظيم مظاهرة في مدينة الجلفة لإعلان الدعم والمساندة للجيش، وهي المظاهرة التي فشلت فشلا ذريعا، ليس لأن الجزائريين لا يدعمون المؤسسة العسكرية باعتبارها مؤسسة جمهورية، بل لأنهم يرفضون أي محاولات للتسلق أو تحويل الأنظار عن الأهداف الحقيقية للحراك الشعبي، الأمر الذي جعل السياسية المثيرة للجدل نعيمة صالحي والتي كانت من أكبر المطبلين للرئيس السابق، تُطرد شر طردة من قبل سكان ولاية الجلفة الذين لم تنطل عليهم محاولة ركوب الموجة. من جهته قال حزب جبهة القوى الاشتراكية إن قائد أركان الجيش لا يريد أن يفهم أن الشعب الجزائري لا يثق في خطاباته الأسبوعية، لأنه «يحافظ على حكومة غير شرعية ويحتفظ بمؤسسات مصطنعة وفاقدة للشرعية، ويتحدى كل المطالب الشعبية، ويزرع الشكوك في الحاجة الملحة للذهاب إلى انتقال ديمقراطي حقيقي». وأضاف عميد الأحزاب المعارضة أن قائد أركان الجيش يحترم جدول أعماله، المتمثل في إلقاء خطب، ردا على المظاهرات العملاقة في الشوارع، وأنه رغم وعوده بالحفاظ على الثورة الشعبية وحمايتها من أي ضغط أو قمع، لكن على أرض الواقع، سرعان ما أدرك المتظاهرون أن التنظيم الأمني وقوات الأمن المنتشرة في جميع أنحاء البلاد تلقت الأوامر بقمع مظاهرات الطلبة، وإساءة معاملة المتظاهرين، ومنع مئات الآلاف من الجزائريين من التنقل إلى عاصمتهم من أجل التظاهر بحرية». واعتبر الحزب الذي أسسه حسين آيت أحمد أن القيادة العليا للجيش ليس لها الحق في فرض خريطة طريق سياسية خاصة بها، على ملايين الجزائريين الذين أبدوا إرادة لا جدال فيها لوضع حد للانتخابات الوهمية، والدخول نهائيا في عملية الانتقال الديمقراطي، مجددا التأكيد على مطلبه المتمثل في الذهاب إلى جمعية وطنية تأسيسية ذات سيادة، باعتبارها الوحيدة القادرة على تحمل الطموحات المشروعة للشعب الجزائري. من جهته كان محمد جميعي قد انتخب أمينا عاما لحزب السلطة الأول، حزب جبهة التحرير الوطني، في دورة استثنائية للجنة المركزية عقدت، الثلاثاء في جلسة مغلقة، وقد جاء انتخاب جميعي مفاجئا بل صادما، على اعتبار أن الأخير من أبرز وجوه المرحلة السابقة، وهو ينتمي إلى فئة رجال الأعمال الذين دخلوا السياسة، وقد جاء به الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم إلى الحزب، فجميعي من رجال الأعمال الذين ولجوا عالم السياسة وأصبح نائبا في البرلمان ونائبا لرئيسه، وكان من أشد المساندين للأمناء العامين السابقين، بداية من بلخادم ومرورا بعمار سعداني وجمال ولد عباس، وصولا إلى معاذ بوشارب. وتعيينه على رأس الحزب جعل الكثير من المراقبين يؤكدون أن لا شيء تغير، بل إن هناك من أعضاء الحزب من يعتبر جميعي أسوأ من بوشارب. من جهة أخرى خرج الآلاف من المواطنين في مظاهرات حاشدة في عدة مدن بمناسبة اليوم العالمي للشغل، وهي مظاهرات رفعت فيها عدة شعارات مثل ضرورة رحيل الباءات الثلاثة، وفي مقدمتهم رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، وفرض تغيير حقيقي في تسيير شؤون البلاد، كما رفعوا شعارات أخرى تدعو إلى محاربة الفساد والمفسدين المتسببين في نهب المال العام، كما شددوا على ضرورة رحيل عبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين، باعتباره رمزا من رموز النظام البائد، وكذل محاسبته على قضايا الفساد التي ذكر فيها اسمه.