رغم تشدق فرنسا بكونها دولة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان إلا أن تاريخها الدامي وجرائمها الوحشية في حق المقاومين المغاربة لازالت عالقة في الذاكرة المغربية . وتميز عهد الحماية الفرنسية بالمغرب بأشكال غير مسبوقة من الهمجية والتنكيل والتقتيل والتشريد وانتزراع الممتلكات والاستغلال المادي والمعنوي ونهب الثروات والاغتصاب وقطع الرؤوس وتعليقها على أبواب المدن والقرى , وتشويه ذاكرة البلاد والعبث بمؤسساتها والتلاعب بحدودها الجغرافية ومحاولة زرع بذور الفتنة بين المغاربة . وتزخر المكتبات العسكرية الفرنسية بصور وأشرطة تبرز من جهة مدى مقاومة المغاربة للإستعمار، ومن جهة أخرى تبرز الوحشية التي تعامل بها المستعمر مع المقاومين والعقاب الجماعي الذي كانت تتعرض له قرى كاملة في مناطق الأطلس والريف بسبب المقاومة التي كانت تبديها. وتظهر بعض الصور الشاهدة على بشاعة الحقبة الاستعمارية كيف استعملت فرنسا الكلاب المدربة لترهيب المقاومين وتعذيبهم إضافة إلى محاولة إذلال المقاومين بتصفيد أعناقهم ومعاملتهم كالعبيد في مشهد يبرز مدى وحشية فرنسا . ولعل أبشع صور العقاب الجماعي الذي كانت تنزله فرنسا بالمواطنين المغاربة وقتها صورة التمثيل بجثث 15 مغربيا إبان مواجهات أكوراي بإقليم مكناس، وحدثت هذه المواجهات إبان تغلغل الاستعمار الفرنسي في الأطلس بعد توقيع اتفاقية الاستعمار، حيث كانت فرنسا تريد السيطرة التامة على منطقتي فاسومكناس لضمان المواصلات مع الجزائر ومنطقة الرباطالدارالبيضاء. وعملت القوات الفرنسية على فصل الرؤوس ووضعها بشكل منتظم على شاكلة رؤوس الحيوانات التي يتم اصطيادها في رحلات سفاري في أدغال إفريقيا. وتبقى قمة البشاعة هو تحويل هذه الجريمة الى بطاقة بريد تحمل طابع الجيش الفرنسي وكأنه فخور بقطع الرؤوس.