تتخبط الجامعة المغربية منذ سنوات في جملة من المشاكل البيداغوجية والتدبيرية التي باتت ترخي بظلالها على المجتمع وتساهم في كبح عجلة التطور والتنمية ، بل وتنعكس سلبا على صورة المجتمع الذي بات يعيش على وقع انحدار ثقافي وأخلاقي مرده الأول والأخير تراجع مكانة الجامعة وغياب الدور الذي كانت تلعبه قديما في إصلاح أعطاب المجتمع وإنماء المعرفة وإثرائها ونشره الوعي والثقافة وتزكية القيم . وفي علاقة بموضوع الأزمة التي تعيشها الجامعة المغربية يرى الأستاذ والفاعل التربوي حمدون حجوط أن الجامعة المغربية، كما المدرسة، تعيش على إيقاع أزمة مستفحلة،في ظل وجود العديد من الاختلالات البنيوية والهيكلية والبيداغوجية المرتبطة بفشل السياسات التعليمية للحكومات المتعاقبة على تدبير قطاع التعليم بالمغرب والتي قادت المنظومة التعليمية ومن ضمنها الجامعة إلى الهاوية وجعلت المؤسسات الجامعية المغربية تتذيل سلم التصنيفات العربية والعالمية. وأوضح حجوط في اتصال مع "نون بريس" أن الجامعة تعد بمثابة مرآة تعكس مدى تقدم وتحضر المجتمع وبالتالي فتقهقهر التعليم الجامعي وتراجع دور ومكانة الجامعة من شأنه ان ينعكس سلبا على المجتمع وهو الأمر الحاصل حاليا في ظل شيوع التفاهة والإسفاف والابتذال وتدني الأخلاق والقيم وانتشار الجريمة وغيرها من الظواهر المرضية داخل المجتمع . وأشار المتحدث إلى أن الجامعة المغربية شكلت سابقا مركزا لتأهيل ولتكوين الأطر الكفؤة و التي أغنت المؤسسات المغربية و خلدت اسمها في تاريخ المغرب بانجازاتها وعطاءاتها في شتى المجالات قبل أن تتغير الأمور نحو الأسوأ وتتحول الجامعة من صرح لتخريج الكفاءات والقامات العلمية والفكرية إلى مصنع لتفريخ البطالة والعطالة . وتابع الفاعل التربوي " الجامعة المغربية حاليا لم تعد مغرية للشباب في ظل تسابق الطلبة على الالتحاق بالمدارس والمعاهد الخاصة التي تعتمد على التكوين النظري والتطبيقي و تتيح الحصول على دبلومات وشواهد تسمح لصاحبها بولوج سوق الشغل عكس المؤسسات الجامعية التي تعتمد في التدريس على الإطار النظري وتبقى بعيدة كل البعد عن ملائمة مضمونها التدريسي مع سوق الشغل وهو مايدفع الطلبة لوضع الجامعة كخيار أخير في سلم اختياراتهم لما بعد الباكالوريا" . واستطرد حجوط " الجامعة المغربية تعيش ركودا بيداغوجيا وتعتمد على مناهج أكل عليها الدهر وشرب والمحصلة شواهد تمنح للطلبة بدون قيمة وغير ملائمة مع ما يتطلبه سوق الشغل حيث لايشفع للطالب تفوقه في الجانب النظري في الحصول على وظيفة تتطلب كفايات ومهارات عملية معينة" . واعتبر المصدر ذاته أن الجامعة المغربية بقيت وفية لنهج استمر سنوات حيث لم تحين طريقة التدريس على مستوى المناهج والمحتويات لتتلاءم مع سوق الشغل وبدت بالتالي عاجزة عن مواكبة صيرورة التغير التي يشهدها العالم على نطاق المجالات المرتبطة بالتطور الرقمي والتكنولوجي وعلى صعيد البحث العلمي. وفي موضوع ذي صلة بالبحث العلمي لفت حجوط إلى أن هنالك ملاحظة مهمة يبنغي الوقوف عندها وهي أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي اختارت أن تجعل البحث العلمي في ذيل تسميتها وهو أمر يعكس بشكل أو بآخر التهميش وغياب الاهتمام الحكومي بالبحث العلمي وهو ما يظهر جليا من خلال الميزانية الضئيلة المخصصة لتطوير البحث العلمي والتي لاتصل للأسف لمستوى واحد بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وزاد المتحدث " البحث العلمي بالمغرب يواجه صعوبات ومعيقات بالجملة فالطلبة الباحثون يواجهون صعوبات ومشاكل في المختبرات في ظل النقص الحاصل في الأجهزة والمواد المعتمدة في مشاريع البحث العلمي فضلا على أن أغلبية الجامعات المغربية غير مجهزة بوحدات البحث العلمي وهو ما يوضح بأن الحكومة لا تولي اهتماما بالبحث العلمي ولاترغب بالمرة في الاستثمار في تطوير هذا القطاع الذي يمكن أن يعود بالنفع على الاقتصاد ويخلق موارد مالية إضافية للدولة" . وختم حجوط حديثه بالتأكيد على أن الجامعات المغربية تتوفر على أطر وكفاءات شابة تتمتع بالحيوية والذكاء و لومنحت لها الإمكانيات ووفرت لها الظروف المواتية للعمل فالأكيد أنها ستتألق وطنيا ودوليا وستسهم في تحويل الجامعة إلى فضاء للبحث العلمي والاختراع والابتكار .