بداية الطريق مع المولودية الوجدية قدر فريق المولودية الوجدية أن يعيش على الماضي، ليس فقط بسبب غياب الإنجازات في الزمن الحاضر، ولكن أيضا بسبب العقم والعجز عن تشكيل فريق يقترب ولو قليلا من تلك التشكيلات التي أمتعت في عقود الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات، وحتى ثمانينيات القرن الماضي. بلخير الثالث وقوفا من جهة اليمين صحبة المولودية الوجدية سنة 1953 حينما يبدأ الوجديون الكلام عن كرة القدم، وتحديدا عن فريق المولودية، تكون الانطلاقة من خمسينيات القرن الماضي، عندما كان الفريق يتحدى الفرق التي أسسها المستعمر. وعندما نتحدث عن نجوم هذه الحقبة لا يمكن إطلاقا تجاهل اسم محمد بلخير، المدافع المتواضع، الذي استمات كثيرا في الدفاع عن قميص المولودية، كما حظي بشرف الانتماء إلى المنتخب الوطني. عن سن يناهز 76 سنة، ما يزال الحاج بلخير، أطال الله في عمره، ينعم بالصحة والعافية، ويمارس حياته بشكل طبيعي، يوزعها بين قضاء أغراض الأسرة، واللعب مع الأحفاد، ومجالسة بعض أصدقاء الأمس. حينما اتصلنا بالحاج بلخير وطلبنا منه موعدا للحديث عن ذكرياته، لم يتردد لحظة في قبول الدعوة، لسبب بسيط هو أنه يرغب دوما في أن يشارك الجميع جزءا من تاريخه الرياضي. في عهد الاستعمار كانت الفرق الرياضية الخاصة بالمغاربة محدودة جدا، وكان الدوري الوطني يدور بمشاركة عشرات اللاعبين الفرنسيين، يقول بلخير "كنا نشارك في البطولة الوطنية جنبا إلى جنب مع تسعة فرق تابعة للمستعمر، ويتعلق الأمر بكل من الراك، والياسام، وروش نوار، وليديال، من الدارالبيضاء، والصام من مراكش، والأستيف واليوسدم من مكناس، ومازاغان من الجديدة، وسطاد المغربي من الرباط، مقابل خمسة فرق تضم لاعبين مغاربة، وهي بالإضافة إلى المولودية الوجدية، الوداد البيضاوي، والكوكب المراكشي، والمغرب الفاسي، والفتح الرباطي. وكنا داخل المولودية نعاني كثيرا، بسبب كثرة التنقلات إلى المدن الأخرى، علما أننا كنا بحاجة إلى 14 ساعة للوصول إلى مدينة الدارالبيضاء، ونضطر دائما إلى السفر ليلا، وعندما نصل نلعب في اليوم نفسه، ثم نعود مساء إلى بيوتنا، أي أننا نقضي حوالي 28 ساعة من السفر عبر القطار في ظرف وجيز، وفي غياب "الكوشيت"، كان يصعب السفر في ظروف مريحة". لحسن حظ بلخير أنه كانت تربطه علاقة جيدة بالحارس الطالب، ويذكر أنه كان يؤمن له السفر في ظروف مريحة، ويقول بهذا الخصوص "كانت تربطني علاقة جيدة مع الحارس الطالب، الذي دافع عني، ومكنني من السفر في ظروف جيدة، مرات عدة. كنت أستغل المكان المخصص للحقائب، وأقضي جزءا كبيرا من الرحلة إلى الدارالبيضاء وأنا نائم، علما أننا عندما نصل نذهب للأكل، وفي فترة ما بعد الظهر نجري المباراة، وبعد ذلك نعود مجددا إلى القطار للعودة إلى وجدة. في بعض الأحيان، نستفيد من فترة راحة عندما يدعونا أحد الوجديين إلى بيته بالدارالبيضاء. حينما نواجه الصام أو الكوكب المراكشي تكون معاناتنا أكبر لأن مدة الرحلة تكبر، لكن رغم ذلك كنا نحس بنوع من السعادة، خصوصا عندما نقدم أداء كبيرا، ونحقق نتائج جيدة. شخصيا كنت أرتاح كثيرا عندما نرحل لمواجهة فريق الكوكب المراكشي أو الوداد البيضاوي، لأن أفراد أسرة هذين الفريقين يعتنون جيدا بنا، ويوفرون لنا الكثير من وسائل الراحة، علما أننا نبادلهم الشعور نفسه، وعندما يحل هذا الفريق أو ذاك ضيفا على مدينة وجدة، نكون رهن إشارته، ونمكنه من جميع المطالب". مع مرور الوقت، تأقلم بلخير مع الأجواء، وفرض نفسه داخل تشكيلة المولودية، وساهم بالتالي في صنع أمجاد الفريق، مع أن المدرب زيغمون أراد ذات مرة أن ينقله من مركز الدفاع الأوسط عن حراسة المرمى، ويذكر ما وقع، ويضحك قائلا "ذات مرة أصيب حارس المرمى، فاعتقد زيغمون، وكان وقتها لاعبا ومدربا في آن واحد، أن قامتي الطويلة ستساعدني على النجاح كحارس مرمى، إلا أنه كان مخطئا، لأن المهمة كانت صعبة. حقيقة أنني كنت أصد الكرات العالية، لكن جميع الكرات الأرضية كانت تجد طريقها نحو الشباك. انزعجت كثيرا بسبب قرار المدرب، فتدخل الراحل مصطفى بلهاشمي وطلب منه أن يعيدني إلى مركزي كمدافع أوسط، فكان الأمر كذلك".