وشهد شاهد من أهلها زكرياء بوقيرة، طالب تونسي (السنة الخامسة بكلية الطب)، وجد صدفة بمطار تونس، وهو يودع صديقته، يوم اعتداء الأمن التونسي على جماهير الوداد الرياضي، التي رحلت إلى القطر العربي الشقيق، لتشجع فريقها في نهائي الأبطال، أنشأ صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، ليسرد فيها حكاية المجزرة التي تعرض لها الجمهور الودادي، بمطار تونس، في رحلة العودة إلى المغرب، بعد نهاية نهائي عصبة الأبطال السبت الماضي. فبعد أن وصف الحالة النفسية التي كان عليها في بهو المطار، عاد الطالب التونسي ليصف ما رآه في تلك الليلة المروعة، وقال" فتية يرتدون أقمصة بيضاء وحمراء، ملطخون بالدماء، يهرولون في كل الاتجاهات داخل بهو المطار، هروبا من "هراوات" رجال أمن منتشرين في كل مكان... ويضيف بوقيرة، ثلاثة ساعات من القسوة والعذاب، ومازالت أصداء صراخ المغاربة تصم أذني. اقشعر بدني، وارتفعت دقات قلبي، وأنا أبحث عن مبرر بداخلي لما تراه عيناي، قبل أن أتأكد أنه الواقع المرير لتونس ما بعد الثورة، "لم تعر الشرطة اهتماما للمسافرين، بل كان هدفها هو ضرب المغاربة في أي اتجاه". تعالت أصوات التنديد بما يقع، وطالبت النساء بالتوقف عن ضرب المغاربة يقول بوقيرة "لكن للأسف، لا حياة لمن تنادي"، أما أنا يضيف الطالب التونسي" فلم أعد قادرا على الحركة، قبل أن تفاجئني والدتي التي كانت برفقتي، حين تساءلت ما هذا البلد؟ وطلبت مني أن أصور ما يقع". ومن شدة الارتباك، وهول ما يقع، يضيف بوقيرة، لم أتمكن من استخدام كاميرا هاتفي النقال بالسرعة المطلوبة، وهي حركة تعودت القيام بها عشرات المرات في اليوم بسرعة متناهية، وتابع" بمجرد أن اشتغلت الكاميرات، تلقيت صفعة من حيث لا أدري، قبل أن ألتفت لأجد رجل أمن، سحب مني هاتفي، ووصفني بالخائن الذي يريد أن يفضحه على الفايسبوك". منذ تلك اللحظة لم يعد الطالب التونسي، يشعر بما يحدث من حوله، "عشرات رجال يضربون من كل صوب وحدب، ومنهم من قال إنني مغربي..." ساعات طوال من العذاب والتحقيق، وتلفيق التهم، يضيف بوقيرة، ندمت في بعض لحظاتها أنني ولدت تونسيا، قبل أن يتقدم نحوي شرطي آخر ويقول لي، هؤلاء المغاربة سيفرج عنهم، أما أنت فستظل هنا معنا، ولن يخلى سبيلك إلا بتدخل شخصي من القايد السبسي شخصيا". فجأة تغيرت لهجة الجلادين، يقول بوقيرة، وتبذلت ملامحهم، وحل مكان "التكشيرة" الابتسامة العريضة، بعد أن قدم محام وأكد لهم أنني طالب في كلية، وابن طبيبة معروفة تعاني السكر، قتم إخلاء سبيلي بعد أن وقعت على ورقة لا أدري مضمونها، حينها فقط أدركت "أنه أطلق سراحي، لكنني لست حرا في بلادي".