بقلم: توفيق عزوز يعرف العالم الاسلامي على وجه الخصوص تحولا ديموقراطيا هاما في مسيرته التنموية الرائدة وكذلك الزحف الاسلامي نحو القمم العالمية ليصبح نموذج يحتدى به من الأطراف الأخرى، يتزعم هذا النموذج دولتان تركيا و المغرب، فالأولى خطت خطوات كبرى نحو دمقرطة الحياة العامة للمواطنيين من جهة و فرض سياستها الخارجية المبنية على المصالح المشتركة بين القوى العالمية من جهة أخرى، بيد أن النموذج الثاني يسير بثباث نحو تنميتة الاجتماعية و الاقتصادية تحت الرعاية الملكية المجيدة، فالجمهورية التركية كما يعلم الجميع عاشت يوما عصيبا في مسلسلها الديموقراطي و التنموي حيث تجرأ بعض الجنرالات المساس بالأسس المقدسة للشعب التركي الشقيق، فكان الرد بسرعة البرق وبسرعة الغيرة الوطنية والفداء الوطني المبني على حب الوطن والتضحية من أجله و بالتالي الدفاع عن رمز الدولة ورمز سيادتها المتمثل في السيد رجب طيب أردوغان الذي جعل من تركيا واحدة من أعظم عشرين اقتصاداً في العالم، ونقلها إلى مصاف الدول العظمى دولياً، فكان هذا متوقعا بحسب المحللين السياسيين والخبراء الاقتصاديين يجسد ذلك قولة الصحفي السوري الدكتور فيصل القاسم :"حيث قال اذا نقلت بلدك من القاع للقمة فتوقع ان ينقلب عليك كلاب العالم في اي لحظة "، فشل الانقلاب لسبب واحد بعد أن تعددت الأسباب ألا وهو الارادة الشعبية التي كانت الفيصل في مأل هذا الفعل المجهض للديموقراطية، فتضامنت مع تركيا الشعوب العربية كالمغرب و السعودية و الكويت و الامارات .. بينما بعض الدول العربية التي يديرها حكم العساكر خرجت لتهلل و تطبل لفلاح الانقلاب ومن بينها مصر و سوريا على و جه الخصوص فمصر للأسف الشديد لم تنجح الى حد كبير في العودة الى السكة الصحيحة فتربصت بالقوى الصاعدة حتى تسلك درب الظلال والانحطاط ، فخرجت بصحفها وبمنابرها المتعددة باهجة و مبتهجة للفعل العسكري الشنيع فصحيفة الأهرام كتيت في صفحاتها الأولى خبر انتصار الظلامية على الديموقراطية الحقيقة و لم يتسنى لها ان يطلع الصبح لتعرف ما الحقيقة و ما البهتان، هذا العمل الغير المهني لم تعرفه تركيا فقط فالمغرب كان ضحية للمنابر المصرية للأسف وذلك خلال تغطيتها للانقلاب العسكري لسنة 1971 الذي تزعمه كل من الجنرالين أعبابو والمذبوح، حيث خرجت في الصباح تهلل بقيام النظام الجمهوري في المغرب لكن الداهية الراحل الحسن الثاني كان له رأيي اخر في الموضوع بذكائه و حنكته أجهض العملية التي تكررت بعد سنة بعدها، فهنا القارئ العربي المثقف عليه أن يتساءل بكل مشروعية ما الهدف من وراء تسييس الاعلام العربي؟ و ما مدى استقلاليته في بعض الدول السالفة الذكر؟ أما التجربة المغربية التي يضرب بها المثل في الدول الأوربية خاصة بلجيكا و فرنسا في ما يتعلق ما يسمى بالحرب ضد الارهاب فأجهزته الامنية يقظة و متفطنة لكل من سولت له نفسه المساس بجزء من الثراب الوطني، فالمغرب يسير في مسلك تنيته المحلية عبر تدشين مختلف المشارع الاقتصادية التي تلعب محورا في التنمية الاجتماعية .. فالعالم إذا يتربص بهذين النموذجين الفتيين لكي نصطف مع الدول التي يدبرونها من الخارج و يتحكمون فيها بألة التحكم عن بعد و أيضا لكي لا يبقى هناك صوت للقوى الشعبية التي هي الأولى في تدبير شؤونها. فالانقلاب العسكري كما عرفه "عبد الله العروي" هو سرطان في جسم الانتقال الديموقراطي.