تقول المصادر التاريخية العربية والغربية؛ إن فرقة الحشاشين وتعني باللغة اللاتينية Assassin أي "القتلة" هي أول جماعة إسلاموية مارست الإغتيال السياسي والإرهاب، بمفهوم ترويع المدنيين وزرع الرعب في قلوب الخصوم السياسيين من أجل تحقيق مآرب سياسية . وكانت فرقة" الحشاشين" بزعامة الحسن ابن الصباح تعطي باسم الدين وعودا لمنتسبيها بأنه بمجرد ما يقومون بتنفيذ عملية إرهابية ستأتي إليهم الملائكة وتحفهم، وتطير بأرواحهم إلى الجنة التي بها يوعدون، حيث سيجدون هناك أنهارا من خمر وعسل وحليب، وحور عين ويطوف عليهم غلمان في غاية الحسن والجمال كأنهم مصنوعون من اللؤلؤ والمرجان . وهكذا نفذت فرقة الحشاشين العديد من الإغتيالات حيث قتلت الخلفاء والسلاطين عن طريق إرسال قاتل يكون تحت تأثير المخدرات وهي خلطة من جرعات أعشاب الهلوسة، كانوا يدمنون على تناولها بقلعة محصنة بجبل تدعى قلعة الموت . للأسف رغم مرور قرون من الزمن لم يتغير أي شيء في بنية العقل المتطرف الذي يتغذى من العنف والقتل والكراهية، حيث استفاقت مدينة الحمامة البيضاء الهادئة يوم الجمعة الرابع من شهر دجنبر الجاري، على خبر وجود رهط من أصحاب الفكر الجهادي المتطرف، كانوا بصدد الإعداد لمخطط يستهدف إغراق مدينة الحمامة البيضاء في حمام من الدم . السؤال المطروح ماذا كان ينوي هؤلاء القتلة تحقيقه من وراء هذا العمل الإرهابي ؟ هل عملهم هذا يدخل ضمن استراتيجية تهدف إلى تحقيق مكاسب معينة ؟ . تاريخيا ومنذ أن أحيا كبيرهم -زعيم القاعدة- هذه العقيدة القاتلة كان الهدف من القيام بأعمال انتحارية وتخريبية؛ هو ترويع الساكنة وبث الرعب في الأحياء والمدن وضرب السياحة وإغلاق الفنادق وتغيير نمط حياة الناس وزعزعة الاقتصاد والاستثمار، لكن هل أصبح هذا الأمر ممكنا في زمن "كورونا"؟ الجواب هو بالنفي طبعا لأنه لو كان الإرهابيون يستهدفون السياحة فإن الفنادق خاوية على عروشها منذ شهر مارس الماضي، واذا كانوا يستهدفون التجمعات السكانية فإن المحطات الطرقية شبه مغلقة والمواطنون والمواطنات في منازلهم خوفا من فيروس" كورونا" لذا فإن أية عملية سيقومون بها ستكون لها أضرار طفيفة بفعل المتغيرات الجديدة . إن استمرار الأنشطة الإرهابية في زمن كورونا حيث وقعت تغييرات جذرية في الواقع الإقتصادي والاجتماعي والثقافي بكل دول المعمور هو دليل قاطع على أن المجاميع الإرهابية فقدت البوصلة ولم تعد قادرة على تحقيق أهدافها أو حتى برمجة خياراتها، لذا فهي ستبقى تحاول القيام ببعض الأعمال العشوائية الخالية من أي مضمون نظري وهذا سيزيد من تعميق أزمتها وعزلتها عن محيطها. إن مدينة تطوان العامرة مدينة العلم والثقافة الراقية مدينة الزهد والتسامح والتصوف والتعايش وحب الآخر، والإعتراف بهذا الآخر، مهما كان مختلفا عنا، كانت وستبقى دوما واحة للسلام، ونبذ العنف ولن تزيدها المخططات الإرهابية التي تستهدفها الا تشبتا بقيم العيش المشترك التي تأسست عليه حاضرة الحمامة البيضاء منذ مئات السنين.