لطالما خاطبني بعضهم بجمل هي قاسية في نظري، أنزعج منها ويشمئز بها قلبي فتغضبني إلى حد الرد عليها حالا؛ إن سِيَاق هذا النوع من الخطاب الذي وجه ولا زال يوجه إلي بطريقة مباشرة، مفاده أن الله سبحانه وتعالى قد أكرمني، حين حرمني من نعمة البصر والنظر إلى خلقه، وطمس على عيني بأن جعلني أعمى بعدما كنت بصيرا؛ أما حجة هؤلاء فهي أنه لن يعود هنالك خير، يمكن رؤيته، فيزيدوا القلب اطمئنانا وإيمانا؛ بل على العكس من ذلك، فحيث ما وليت وجهك تجد المتبرجات، العاريات والمائلات المميلات، قد ازددن فحشا في تصرفهن وطغيانا في تلوين وإبراز ما أمرهن الله بستره؛ وتكون النتيجة المباشرة لفعلهن الدنيء والمصون تحت رعاية الحرية، هو فتنة الذكور من طفلهم إلى شيخهم، والدعوة المباشرة إلى كل أنواع اللمس وما بعد اللمس. لن أناقش مسألة خطاب بعض هؤلاء فيما يخص لفظهم لي، بأن طوبى لي بالعمى، وكوني محظوظ إذ لم أعد أرى الكاسيات العاريات لأفْتن بانعواجهن وميولهن؛ بل سأتطرق إلى الداء الذي سبب ويُسَبب حصول مرضاه على تأشيرات الدخول إلى عالم لظى أي سقر؛ أما الداء فهو الحرية السلبية، والتي هي ضد الحرية الإيجابية، إذن لا غرابة إن كان للحرية الإيجابية دورا رئيسيا في استقامة الأمور الدنيوية، خاصة فيما يخص التعبير الحر لإستقطاب العدل، ودعوة الحق والمناداة بضرورة الحصول على العيش الكريم؛ فإنه وعلى العكس من هذا نجد أن الحرية السلبية هي الفاعل الرئيسي في انتشار الغش والتزوير والفساد لاجتماع والخلق، بالإضافة إلى شتى أنواع التدليس المؤدية إلى خرق القوانين نهارا جهارا، وما يتبع ذلك من مختلف أنواع الفتن، وهذا كله تحت شعار السعادة هدفنا، ولا شيء غير السعادة؛ مما يعني أن الجائع الوسخ، والذي أصبح مدمنا على الكحول أو المخدرات بفضل الحرية السلبية، يكون في غاية السعادة، كلما تسول أو سرق ليحصل على قنينة كحول أو جرعة هيروين، وكذلك الكاسية العارية التي لم تتمكن من الزواج، لكن تمكن منها العشرات من الذكور، فأصبحت بدورها تحت رحمة الكوكايين أو المهلوسات الأخرى؛ فإنها لا تتقاعس أو تتراجع عن كل أنواع الممارسات الجنسية الشيطانية، ليتسنى لها سعادة الإستمتاع بوسيلة النقل الكيميائي، التي تمكنها من الذهاب إلى عالم أليس في بلاد العجائب. بعد كل هذا أظن وأنا مقتنع بأن الحل بهذه المعضلة الأخلاقية والإجتماعية، لا يكمن في عدم رؤية ما يجري، إما بغمض الأعين أو تجاهل الواقع الحالي؛ لكن بالتقويم التربوي الأسَري، وتحمل الآباء والأمهات على الخصوص، لمسؤولياتهم الأخلاقية والشرعية، اتجاء أبناءهم وذويهم، وذلك بالتشبث بالدين والقيم التي جاء بها النبي سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم، والدوس على الأخلاق والتعاليم الدخيلة التي جاء بها سيدي بليوط وأتباعه. رشيد السوسي/ بريس تطوان