بين مد أحلامها، وأمنياتها المتسابقة وأنفاسها وجزر المجتمع، نظرته وأحكامه…تعيش الفتاة العربية مكبلة اليدين، مسلوبة الحرية؛ تؤسس في مخيلتها عالما مثاليا، بطلته هي و إنجازاتها ثم تصدم بواقع بال لا يراها سوى عروسة فوق ..هودج السعادة..تحمل بين أناملها مفتاح القفص الذهبي و ترسم ابتسامة رضا على شفتيها. فيظل رميها في ذاك القفص هم يثقل كاهل الأسرة الصغيرة و الكبيرة بل و يشمل المنطقة التي تقطنها بأكملها .. حيث ..يسارع الكل لإيجاد العريس حتى يزال الهم و تعم البهجة. مواصفاته؟ لا يهم ! يكفي أنه رجل، توقيع على عقد قران كفيل بإغلاق أفواه الجميع. ماذا عن باقي الوريقات الملونة المعلقة في ذاك الحائط الموازي لسريرها! الحائط الذي لطالما تأملته قبل خلودها إلى الأحلام، و الوريقات التي احتضنت أمنياتها و أهدافها في الحياة منذ أن تعلمت الكتابة؟ ماذا عن دمعتها كل ليلة و هي تعيش في بيت غريب حملت بين ليلة و ضحاها اسمه و صارت بين إمضاء و فستان على ذمته! ماذا عن المسؤولية التي حلت بها و لا تزال عاجزة هي حتى عن جدل ضفيرتها بنفسها! لا أحد يهتم! البنت لبيت زوجها أو لقبرها حتى و إن لم يحن الوقت بعد فخير البر عاجله. زواج القاصرات شبح ما زال يلاحق هذا المجتمع كظله، يهول و يدمر و لا يأبى الإنسحاب.. يثبت عكس ما يروج من خرافات أن تطور العصر ساقنا إلى التنوير و التحرر. لتظل البنت رهينة أفكار بالية عقيمة مهما تقدم بنا الزمن و ليظل الزواج أعظم إنجاز يمكن أن تقوم به في حياتها. أرجوكم لا تعاندوا و تعتلوا المنابر مخبرين العالم أن المرأة في مجتمعاتنا تعيش حرية الفكر و الاختيار … لا زالت حقا فتيات هنا تتخبط في مستنقع عقليات تؤمن بهكذا أفكار و لا ترى في زواج القاصرات ذنبا يقترف في طفولتهن و جريمة تغتصب حقهن في الحياة. ما زالت حقا قاصرات هنا يغصن في الآبار ساقيات المياه و يتجولن في الحقول راعيات الغنم .. يجرن خلفهن أذيال الخيبة و أربعة أطفال .. يكابرن من أجل لقمة العيش و تأسيس العش الزوجي ثم تربية صغار لا يتجاوزنهم عمرا و خبرة. ما زالت فتيات هنا باسم العار والفضيحة يخطن عقدا أبديا يمنع العودة إلى بيت الأهل أو حتى التأوه من ثقل الجبل الساكن فوق ظهورهن. نعم! لا نزال نحن نفتخر باحترامنا حقوق المرأة ولا يزلن هن ينتظرن المعجزة ليلتحقن بمقاعد الدرس من جديد.