الله يرحم ابا حدو: ابا حدو هذا له حكاية تاريخية مع قبيلة بني رزين، التي هي إحدى قبائل غمارة الواقعة في جهة الشرق من تطوان. ذلك أنه كان واليا عليهم، وفي إحدى السنوات، وقع الجدب والجوع، فطلبوا منه أن يدفع لهم قمحا ليزرعوه، فدفعه لهم على سبيل السلف، فما كان منهم إلا أن أكلوه ولم يزرعوا منه شيئا. وعندما وصل زمن الحصاد طالبهم به، فقالوا له إنه لم ينبت في مكانه إلا الشوك، فقال لهم لا بد من حصد ما نبت كيفما كان، فحصدوه، فقال لهم لا بد من درسه، فقالوا له لا دواب عندنا، فقال لهم ادرسوه بأرجلكم، فقالوا له لا أحذية عندنا، فدفع لهم من الورق الكاغد (الكاغيط) ما أرغمهم على أن يصنعوا منه أحذيتهم، فصنعوها، وأرغمهم بالقوة على درسه بأرجلهم، وعلت سياط أهل الريف ظهورهم، وعمت البلية كبارهم وصغارهم، وسال عرقهم، ودميت أقدامهم وانتفخت أرجلهم، وعظمت نكبتهم وكانت محنة لم يعرفوا لها في تاريخهم مثيلا . ومن ذلك الحين صار المنكتون عليهم يطلبون منهم أن يرحموا ابا حدو الذي فعل بهم ذلك، فلا يرحمه منهم أحد كائنا من كان في جميع قبائل غمارة، وصار من يريد أن يغيظ أحد الغماريين، يقول بمحضره: الله يرحم ابا حدو، أو: الله يرحمو مسكين ومن الغريب أن الامتناع من الترحم على ابا حدو، ما زال واقعا إلى يومنا هذا في جميع قبائل غمارة، وهي تسع قبائل معروفة المعالم والحدود. وأرى من المناسب هنا، وإن كان ذلك ليس من موضوعنا، أن أثبت هنا أسماء تلك القبائل، ليعرفها الذين يجهلونها، ويا ما أكثرهم حتى من بين أهل العلم والثقافة، وهي هذه: بني زيات = والمنسوب إليها يقال له الزياتي. بني بوزرة – البوزراتي (بسكون الزاي). بني زجل – الزجلي (بتشديد الجيم). سلمان – السلماني. بني منصور – المنصوري. خالد – الخالدي. بني رزين = الرزيني. بني سُميح = السميحي. بني جرير – الجريري (بالجيم المعقودة كما ينطق بها المصريون). والغماري الذي يتجرأ على الترحم على ابا حدو، يعتبر في نظر قومه عاقا أو خائنا. والغريب أن جميع طبقات أهل غمارة، متضامنة في هذه القضية، حتى من الأذكياء ورجال العلم والأدب ، ولا أعرف أحدا شذ منهم في هذا الموضوع، وهو تضامن عجيب، حبذا لو سلك الناس مثله لنصرة الحق وخذلان الباطل والبهتان. *-*-*-*-* العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...