أكد وزراء ومسؤولون وممثلو المنظمات الدولية المشاركة في المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة، أمس الثلاثاء بمراكش، أن الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، يعد نجاحا ذي أهمية تاريخية، بالنسبة للتدبير الأمثل والشامل والإنساني لهذه الظاهرة. وأوضح المتدخلون خلال الجلسة العامة الخامسة، من ضمنهم وزراء الشؤون الخارجية والداخلية والهجرة بعدة بلدان من مختلف القارات، أن ميثاق مراكش، الذي يعد تمرة مشاورات مكثفة ومفاوضات بين الدول، يشكل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح بهدف تنفيذ، مقاربة مشتركة شاملة ومندمجة، في اطار التعاون والتنسيق المتعدد الأطراف، ومسؤولية مشتركة بين الأطراف المعنية، لمختلف أهداف هذه الوثيقة الأساسية في تدبير ظاهرة الهجرة. واعتبروا أن هذا الميثاق يعد إطارا مناسبا للتعاون، ومرجعا للتوصيات التي يمكن، لكل الدول الاستلهام منه لبلورة سياساتها الوطنية حول الهجرة، التي لا تمس بسيادتها، مشيرين إلى أن وثيقة مراكش تتضمن آليات لتدبير تدفقات المهاجرين. وشدد المتدخلون على ضرورة حماية المهاجرين وصون حقوقهم الأساسية، ومحاربة شبكات الاتجار في البشر، وتقاسم المعطيات والمعلومات لضمان أمن حدود البلدان المعنية في المقام الأول بتدفق المهاجرين. ودعا المؤتمرون إلى تعزيز إطار التعاون متعدد الأطراف وتقديم كل الدعم التقني والإنساني للدول المعنية بشكل مباشر بهذه الظاهرة، معتبرين أن رهان الهجرة لا يمكن كسبه من قبل دولة واحدة، ولكن عبر التعاون المكثف بين مختلف الأطراف المعنية. وطالبوا بتضافر الجهود من أجل الوفاء بالالتزامات المتضمنة في هذا الميثاق التاريخي والعمل على ترجمة الإرادة السياسية الى أعمال وتدابير ملموسة من أجل التحكم في قضية الهجرة التي أصبحت تحديا كبيرا بالنسبة للمجتمع الدولي بأسره، بالنظر إلى التزايد المتصاعد لتدفق المهاجرين. وأكدوا على أهمية العمل المشترك والمتشاور حوله لأجرأة مضامين الميثاق وضمان عيش كريم لكافة الأشخاص، مشددين على أهمية حماية المهاجرين في وضعية هشة، على الخصوص النساء والأطفال الذين يشكلون ضحايا مختلف أشكال الاعتداء والعبودية الحديثة. وشددوا على أهمية إبراز منافع الهجرة المنظمة ومحاربة العوامل السلبية وعدم الاستقرار التي تدفع ملايين الأشخاص إلى هجر بلدهم الأصلي بحثا عن مستقبل أفضل لهم ولأسرهم، مطالبين بتدبير جماعي لهذه الظاهرة وتقديم المساعدة لبلدان الأصل والاستقبال حتى تتمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 . وبعد أن سلطوا الضوء على العلاقة القائمة بين الهجرة والتنمية المستدامة، أبرز المؤتمرون أن المصادقة على ميثاق مراكش تحث البلدان على بناء، بشكل جماعي، مستقبل مندمج حيث تحترم حقوق المهاجر، مسجلين أن تبني هذا الميثاق الفريد من نوعه يعكس إرادة الدول في التضامن من أجل هجرات آمنة منظمة ومنتظمة. وذكروا بالتعقيدات التي تميز اختلاف المصالح بين الدول حول موضوع الهجرة، مؤكدين أن هذا الميثاق يعتبر حلا وسطيا مرضيا بين الدول من أجل تعزيز المسارات القانونية للهجرة، حيث أن الهجرة القانونية والمنظمة تعد المحرك الحقيقي للنمو الاقتصادي بالنسبة لدول الأصل وأيضا لبلدان الاستقبال. وألح المؤتمرون على ضرورة تضافر الجهود لضمان اندماج أفضل للمهاجرين في بلدان الاستقبال، معتبرين أن الهجرة تشكل عنصرا محوريا للتنمية المستدامة. وأشاروا إلى أنه يتعين إعادة تقييم الميثاق وتحسين مضمونه باستمرار حتى يكون في مستوى التطورات التي تعرفها المجتمعات، معربين عن أسفهم للموقف السلبي لبعض الدول تجاه هذا الميثاق، على أمل أن تراجع قراراتها وتنضم للتوافق الدولي حول وثيقة مراكش التاريخية. وحرص المؤتمرون خلال مداخلاتهم على التعبير عن خالص امتنانهم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والحكومة والشعب المغربي لحفاوة الاستقبال والجهود المبذولة لضمان النجاح التام لأشغال هذا المؤتمر التاريخي.