لم يشكل التقارب السعودي الإيراني الذي تم بوساطة صينية، مفاجأة في عالم السياسة الذي يتحرك دائما وفق قاعدة " المصالح تتصالح ". لكن، يبقى السؤال المطروح حول توقيت هذا التقارب، خاصة في و أن العلاقات السعودية الإيرانية تعرف تناقضات كثيرة، و إن كانت لا تطفو بصورة مباشرة، و أكبر شاهد على ذلك هو الحرب اليمنية. و ما دامت العلاقات الديبلوماسية أمر تُعنى به كل الدول، فإن هذه العناية تأخد معنى خاصا في المغرب، فلقد سبق للجنة الوزارية الرباعية العربية المعنية بإيران التأكيد على تضامنها المطلق مع المملكة المغربية في مواجهة تدخلات النظام الإيراني وحليفه "حزب الله" اللبناني في شؤونها الداخلية. وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي "عبد الصمد بلكبير" أن المغرب يسلك هجوما إعلاميا دفاعيا. فكما لا يخفى على الجميع العلاقة التّي أصبحت تجمع إيران بالجزائر، فمن غير المستبعد أن تمدها بالسلاح، و الذي لن تتوانى هذه الأخيرة عن إمداد أعداء وحدتنا الترابية "البوليساريو" به. و تعليقا على التقارب السعودي الإيراني، أوضح الأستاذ بلكبير قائلا: " إنه لا توجد مصالحة بل هدنة تقف الولاياتالمتحدةالأمريكية وراءها " فالأمر يحيل على " تناقضات أمريكية أمريكية " موضحا في هذا السياق أن صعود نتنياهو هو صعود للتطرف أمريكي المؤيد بثلة من اللوبي اليهودي و كذا و الاستخبارات المركزيّة الأمريكية اللذان ينزعان نحو الحرب مع كل مهدد محتمل لإسرائيل. و هكذا، فإن صعود حكومة نتنياهو لا يعني شيئا آخر سوى الزّج بالدولة الأمريكية نحو الحفاظ على أمن إسرائيل، و بالتالي، الدفع بها نحو الهجوم على إيران، و بخاصة على مواقعها النووية قبل أن تتمكن إيران من صنع القنبلة النووية و تصبح خطرا على أمنها. لكن أمريكا، تعتبر هذا السيناريو إيدانا بحرب عالمية ثالثة. ولتفادي حدوث خيار الحرب، نجد هذه الأخيرة تفضل التفاوض والاتفاق والضغط في الوقت الذي لا يهم إسرائيل سوى مصلحتها حتى لو احترق العالم في سبيل تحقيق ذلك. ولكي لا يتم إعلان هذه الخصومة الخفية، طلبت الولاياتالمتحدةالأمريكية من السعودية هذه الخطوة، لأنه في حالة الحرب لا قدر الله، إيران موجهة صواريخها إلى جميع القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة وإسرائيل نفسها تتواجد بها قواعد عسكرية نووية وقطر والإمارات وعمان والكويت فقد نصير إلى ما لا تحمد عقباه. ويستطرد بلكبير قائلا: إن نتنياهو يرجع المظاهرات القائمة في القدسالمحتلة إلى تمويل أمريكي، الهدف منه منع إسرائيل من إعلان الحرب ضد إيران. موضحا، في هذا الصدد، أن خيار الحرب لا يريده الجمهور الإسرائيلي عموما ولا أمريكا ولا الصين ولا روسيا. مؤكدا في الأخير أن التناقضات الإيرانية السعودية ثابتة، ولكن تكتيكيا تمت إقامة هذا الاتفاق لدرء حرب كونية. و يذكر أن السعودية وإيران اتفقا على إعادة فتح سفارتيهما و ممثلياتهما في غضون مدة لا تتجاوز شهرين. و تضمن البيان: "تتضمن الاتفاقية تأكيد الطرفين المعنيين على سيادة كل منهما وعدم التدخل في شؤونه الداخلية". وأثار هذا الاتفاق ردود فعل عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اعتبر مغردون أن "عودة العلاقات الدبلوماسية ليس كافيا والموضوع أعقد مما يتصوره البعض، لأن إيران لن تقف عند حدودها ولن تخسر ما غنمته في اليمن ولا في سوريا ولبنان والاتفاق ليس سوى استراحة محارب. فيما دعا آخرون إلى عدم الإفراط في التفاؤل حيال مخرجات اتفاق إيران والسعودية في الصين و بخاصة فيما يتعلّق بملفات المنطقة الخلافية". واستبعدت فئة أخرى من كون هذا الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى عودة الهدوء إلى المنطقة أو أن يزيل الكراهية بين الطرفين بعد "السنين الطويلة من الحقد والنكايات والكيد".